وإن رأى الكبرياء قد غلب عليه أمَرَهُ أن يخرج إلى السوق للكدّ ويكلّفه السؤال والمواظبة على ذلك ،
وإن رأى الغالب عليه البطالة استخدمه في بيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة وملازمة المطبخ ومواضع الدخان ،
وإن رأى شَرَه الطعام غالباً عليه ألزمه الصوم ،
وإن رآه عزباً ولم تنكسر شهوته بالصوم أمره أن يفطر ليلةً على الماء دون الخبز وليلةً على الخبز دون الماء ويمنعه اللّحم رأساً .
وعن ابن الكريني أنّه قال : نزلتُ في محلّةٍ فعُرفتُ فيها بالصلاح فدخلتُ الحمّام وغيّبتُ عليَّ ثياباً فاخرة فسرقتُها ولبستُها ثمّ لبستُ مرقعتي فوقها وخرجتُ فجعلتُ أمشي قليلاً قليلاً فلحقوني فنزعوا مرقعتي وأخذوا الثياب وصفّعوني فصرتُ بعد ذلك أُعرف بلصّ الحمّام فسكَنت نفسي .
قال أبو حامد :
فهكذا كانوا يروّضون أنفسهم حتّى يخلّصهم الله من النظر إلى الخلق ثمّ من النظر إلى النفس(١) .
وردَّ عليه ابن الجوزي بقوله : ـ
قلتُ : وإنّي لأتعجّب من أبي حامد كيف يأمر بهذه الأشياء التي تخالف الشريعة ؟
وكيف يحلّ القيام على الرأس طول الليل فينعكس الدم إلى وجهه ويورثه ذلك مرضاً شديداً ؟
وكيف يحلّ رمي المال في البحر وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن إضاعة المال ؟
وهل يحلّ سبّ مسلم بلا سبب وهل يجوز للمسلم أن يستأجر عن ذلك ؟
__________________________________
(١) إحياء العلوم / ج ٣ / ص ٥٤ .