تريد شراء قفلٍ منه .
وقالت : إنّي أرملة ، ولي أولاد أيتام ، وليس لنا ما نصرفه في شراء الطعام سوى هذا القفل الذي لا مفتاح له ، فاشتره منّي بثمنٍ جيّد ، حتّى أصرف ثمنه في شراء طعامٍ للأيتام .
فأخذ الشيخ القفل ونظر إليه ، ثمّ قال للمرأة : يا مؤمنة هذا القفل وحده يسوى فلس ، وأنا أرهّم له مفتاحاً يسوى بفلس أيضاً ، فإذا كمل القُفل ، أنا أشتريه منك بخمس فلوس ، كثمن أحسن وأكثر حتّى تستعيني به على أيتامك .
فاشترى منها الشيخ ذلك ، وأعطاها خمس فلوس ، وهو أحسن ثمنٍ لذلك القفل .
تحمّل الشيخ هذا الثمن ، مع أنّه كان يمكنه أن يشتري ذلك القفل منها بفلسٍ واحد ويربح هو ضمناً ، لكنّه صنع هذا إنصافاً منه مع تلك الأرملة ، وإعانةً منه لاُولئك الأيتام ، وإيثاراً لغيره على نفسه .
فأخذت الأرملة ذلك المبلغ ، وانصرفت رائحةً ، واُولئك الطلبة واقفون وينظرون جيّداً إلى هذه القضيّة المحسنة .
وفي هذا الحين قام ذلك الشخص الجليل المحترم ، وودّع الشيخ الأنصاري ، والتفت إلى هؤلاء الطلبة وقال لهم بلهجتهم : ـ
( صيروا مثل هذا ، صاحب الزمان هو يجي عِدكم ) وانصرف ، وغاب عنهم .
وهؤلاء الطلبة التفتوا فجأةً إنّ هذا الشخص المحترم من أين كان يعرف إنّا نبحث عن صاحب الزمان عليهالسلام ونريد لقاءه ، ونحن لم نقل له ما كنّا ننويه .
فأسرعوا إلى جهة مسيره في الصحن المقدّس فوراً ، واجتهدوا في طلبه فلم يجدوه .
ونحن نلاحظ أنّ هذا الإيثار من الشيخ كان عملاً محبوباً عند الله تعالى ، ومرضيّاً عند أهل البيت عليهمالسلام ، وموجباً لفوز التشرّف بالتوفيق الأمثل ، ولقاء بقيّة الله تعالى بالنحو الأفضل .. رزقنا الله ذلك .