عمر بن الخطّاب ، فهو تجسّر أوضح من الأوّل ، غير أنّ الأوّل كان نهياً عن المنكر بزعمه وهذا أمرٌ بالمعروف حيث حرّض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الخروج إلى صلاة العشاء ، وهذا لعمري عجيب من عمر .
ألم يسمع قول الله تبارك وتعالى في سورة الحجرات : ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ )(١) .
ألم يسمع قول الله تبارك وتعالى في أوّل السورة : ( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ )(٢) .
وقد تقدّم في مطاعن أبي بكر في باب رفع أبي بكر وعمر أصواتهما عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى نزل النهي أنّهما قد رفعا أصواتهما عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أن يستعمله على قومه ، وأشار الآخر برجلٍ آخر فتماريا حتّى ارتفعت أصواتهما ونزل النهي .
( وأمّا أخذ عمر العذق ) في الرواية الثالثة وضرب به الأرض حتّى تناثر البُسر نحو وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقوله له إنّا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة ، فهو تجسّر على الله ورسوله جميعاً لا على الرسول فقط ، وتحقير لنعمة الله جلّ وعلا ، فكأنّ البسر كان في نظره شيئاً حقيراً هيّناً لا يعتدّ به فقالَ في حقّه ما قال .
وهو ممّا يدلّ على جهله وقلّة علمه مضافاً إلى تجسّره وعدم كونه شاكراً خاضعاً لأنعم الله تعالى ( ولكن الذي ) يهوّن الخطب في هذا كلّه أنّ الذي يتجسّر على رسول الله ويقول للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند مماته حين قال : « ائتوني بكتابٍ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده » إنّه يهجر ، أو غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا أو حسبنا
__________________________________
(١) سورة الحجرات : ٤ .
(٢) سورة الحجرات : ٢ .