فقلت : لا ، ولا يمسّونه .
فقال : لا بأس ، فانظر اُمّك فبرّها ، فإذا ماتت ، فلا تكلها إلى غيرك ، كُن أنت الذي تقوم بشأنها ، ولا تخبرنَّ أحداً أنّك أتيتني ، حتّى تأتيني بمنى إن شاء الله .
قال : فأتيته بمنى والناس حوله ، كأنّه معلّم صبيان ، هذا يسأله ، وهذا يسأله ، فلمّا قدمت الكوفة ، ألطفتُ لاُمّي ، وكنت اُطعمها ، واُفلّي ثوبها ورأسها ، وأخدمها .
فقالت لي : يا بُنيّ ما كنتَ تصنع بي هذا ، وأنت على ديني ، فما الذي أرى منك منذ هاجرتَ ، فدخلتَ في الحنيفيّة ؟
فقلت : رجلٌ من ولد نبيّنا أمرني بهذا .
فقالت : هذا الرجل هو نبيٌّ ؟
فقلت : لا ، ولكنّه ابن نبيّ ، فقالت : يا بُنيّ هذا نبيّ إنّ هذه وصايا الأنبياء .
فقلت : يا اُمِّ إنّه ليس يكون بعد نبيّنا نبيّ ولكنّه ابنه .
فقالت : يا بنيّ دينك خير دين ، اعرضه عليَّ فعرضته عليها فدخَلَت في الإسلام ، وعلّمتها فصلّت الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء الآخرة ثمّ عرض بها عارض في اللّيل فقالت : يا بُنيّ أعد عليَّ ما علّمتني ، فأعدتُه عليها فأقرّت به وماتت .
فلمّا أصبَحَت كان المسلمون الذين غسّلوها ، وكنت أنا الذي صلّيت عليها ونزلت في قبرها(١) .
__________________________________
(١) بحار الأنوار / ج ٤٧ / ص ٣٧٤ .