أغيثهم ، ثمّ غاب عنّي .
فما مشيت إلّا قليلاً حتّى وصلت إلى القرية ، وكان في مسافة بعيدة ، ووصل الجماعة إليها بعدي بيوم .
فلمّا دخلت الحلّة ذهبت إلى سيّد الفقهاء السيّد مهدي القزويني طاب ثراه ، وذكرت له القصّة ، فعلّمني معالم ديني ، فسألت عنه عملاً أتوصّل به إلى لقائه عليهالسلام مرّةً اُخرى ، فقال : زُر أبا عبد الله عليهالسلام أربعين ليلة الجمعة .
قال : فكنت أزوره من الحلّة في ليالي الجُمع إلى أن بقي واحدة ، فذهبت من الحلّة في يوم الخميس ، فلمّا وصلت إلى باب البلد ، فإذا جماعة من أعوان الظّلَمة يطالبون الواردين التذكرة ، وما كان عندي تذكرة ولا قيمتها ، فبقيت متحيّراً والناس متزاحمون على الباب فأردت مراراً أن أتخفّى وأجوز عنهم ، فما تيسّر لي ، وإذا بصاحبي صاحب الأمر عليهالسلام في زيّ لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد ، فلمّا رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه ، وأدخلني من الباب فما رآني أحد ، فلمّا دخلت البلد افتقدته من بين الناس(١) .
هذه نُبذة يسيرة من دروسهم العمليّة في حُسن الخلق وطيب الأخلاق .
وأمّا دروسهم القوليّة في أحاديثهم السَنيّة ، فقد بيّنوا أروع الدروس ، وأبلغ المعالم في الأخلاقيّات ومكارم الصِّفات ، نذكر جملة منها في الفصل القادم .
__________________________________
(١) جنّة المأوى المطبوع في بحار الأنوار / ج ٥٣ / ص ٢٩٤ .