نعم رأيته ، فتنقل إلى حجة أخرى ، ثم سأل ربه أن يريه إحياء الميت لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج ، فإنه يكون مخبرا عن مشاهدة وعيان (١).
وذهب فريق ثالث إلى أن ذلك إنما كان عند البشارة التي أتته من الله بأنه اتخذه خليلا ، فسأل ربه أن يريه عاجلا من العلاقة على ذلك ، ليطمئن قلبه بأنه قد اصطفاه لنفسه خليلا ، ويكون ذلك لما عنده من اليقين مؤيدا (٢) ، قال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي : لما اتخذ الله إبراهيم خليلا ، استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك ، فأتاه فقال : جئتك أبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلا ، فحمد الله عزوجل وقال : ما علاقة ذلك ، قال : أن يجيب الله دعاءك ، وتحيي الموتى بسؤالك ، ثم انطلق وذهب ، فقال إبراهيم : رب أرني كيف تحيي الموتى ، قال أو لم تؤمن ، قال بلى ، ولكن ليطمئن قلبي بعلمي إنك تجيبني إذا دعوتك ، وتعطيني إذا سألتك ، إنك اتخذتني خليلا (٣).
على أن هناك وجها رابعا للنظر يذهب إلى أن الخليل عليهالسلام قال ذلك لربه ، لأنه شك في قدرة الله على إحياء الموتى ، قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر بن أيوب في قوله : «ولكن ليطمئن قلبي» ، قال قال ابن عباس : ما في القرآن آية أرجى عندي منها (٤).
وروى ابن أبي حاتم عن ابن المنكدر أنه قال : التقي عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال ابن عباس لابن عمرو : أي آية في القرآن أرجى عندك ، فقال عبد الله بن عمرو «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٤٨٦ ، الواحدي : المرجع السابق ص ٥٤.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٤٨٧.
(٣) الواحدي : المرجع السابق ص ٥٥ ، تفسير الطبري ٥ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨ ، تفسير القرطبي ص ١١٠٨.
(٤) تفسير الطبري ٥ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠ ، تفسير الدر المنثور ١ / ٣٣٥.