ذراعا ـ فيما ترى التوراة على رأي ، وفيما يرى ابن عباس على رأي آخر ـ وهي ستمائة ذراع في عرض ثلاثمائة ، فيما يرى الحسن البصري ، وهي ألف ومائتا ذراع في عرض ستمائة ، فيما يرى ابن عباس ، وهي ثمانون ذراعا في عرض خمسين على رواية رابعة ، وهي ألفا ذراع في عرض مائة ذراع على رواية خامسة ، بل وذهبت رواية سادسة إلى أنها سفينة عظيمة لم يكن لها نظير من قبل ، ولن يكون لها نظير من بعد ، هذا فضلا عن أن الرواية قد تنسب أحيانا إلى شخص معين ، بينما تنسب في مرة ثانية إلى شخص آخر ، وإن كانت الروايات جميعا تكاد تتفق على أن ارتفاع السفينة إنما كان ثلاثين ذراعا ـ وهو رأي التوراة ـ إلا واحدة تنسب إلى الكلبي وقتادة وعكرمة رأت أنها ثلاثمائة ذراع (١) ، وهكذا بات من الصعب علينا أن نصل إلى رأي نطمئن إلى أنه القول الفصل ، ذلك لأن هذه الروايات لا تقدم لنا دليلا على صحتها وضعف غيرها حتى نستطيع أن نختار الأقوى حجة منها.
وهناك رواية تنسب إلى ابن عباس ـ رضياللهعنه ـ تقسم السفين إلى ثلاثة بطون ، الأسفل للوحوش والسباع والدواب ، والأوسط للطعام والشراب ، والأعلى لنوح ومن معه ، فضلا عن جسد آدم معترضا بين الرجال والنساء ـ والذي دفنه بعد ذلك في بيت المقدس ـ كما كان معهم إبليس في الكوثل (مؤخر السفينة) (٢).
واختلف المؤرخون الإسلاميون كذلك في أمر التنور ، فهناك من يذهب إلى أنه «وجه الأرض» أي صارت الأرض عيونا تفور ، حتى فار الماء من التنانير التي هي مكان النار (٣) ، وهناك من ذهب إلى أنه تنور الخبز ، وكان من حجارة لحواء حتى صار لنوح ، بينما ذهب رأي ثالث إلى أنه مسجد الكوفة ، وذهب رأي رابع ـ ينسب
__________________
(١) ابن كثير : البداية والنهاية ص ١٠٩ ، ١١٠ ، وكذلك الطبري : المرجع السابق ص ١٨٠ ـ ١٨٤ ، وكذلك القرطبي المرجع السابق ص ٣٢٥٩ ، وكذلك ابن الأثير : الكامل في التاريخ ج ١ (بيروت ١٩٦٥) ص ٧٠.
(٢) القرطبي : المرجع السابق ص ٣٢٦ ، وكذلك محمد بن سعد كاتب الواقدي ـ الطبقات الكبرى ج ١ (دار التحرير ـ القاهرة ١٩٦٨) ص ١٧.
(٣) ابن كثير : البداية والنهاية ص ١١١ ، تفسير القرآن العظيم ج ٤ (دار الشعب ـ القاهرة ١٩٧١) ص ٢٥٤.