«فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» (١) ، وقوله تعالى : «فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ» ، (٢) وكل هذه الآيات وغيرها تضغط بشدة على أن الذين أغرقوا إنما كانوا من المكذبين لسيدنا نوح عليهالسلام ، بل إن الآية الأخيرة لتشير بوضوح إلى أن ما حدث لهم كان بعد إنذارهم «فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ» تصديقا لقوله تعالى «وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً». (٣)
ومنها (سابعا) أن الله سبحانه وتعالى رحمة منه بالعالمين ، أنه ما من أمة إلا وجاء أهلها رسول من عند الله العليّ القدير ، «وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً» (٤) ، بل إنه لمن أصول العقائد الإسلامية أنه يجب الإيمان بأن الله أرسل في كل الأمم رسلا (٥) ، يقول سبحانه وتعالى : «وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ» (٦) ، ويقول : «وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ» (٧) ، «مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ» (٨) ، «وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» (٩) ، ومن هنا كان الخلاف على عدد الأنبياء عليهمالسلام ، فمن قائل إنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، ومن قائل إنهم ثمانية آلاف نبي ، ومن قائل إنهم ثلاثة آلاف ... إلخ (١٠).
ومنها (ثامنا) أن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ، الذي يحتج به على أن الله
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية ٢٨.
(٢) سورة يونس : آية ٧٣.
(٣) سورة الإسراء : آية ١٥.
(٤) سورة النحل : آية ٣٦.
(٥) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ج ٧ ، ص ٥٠٠.
(٦) سورة فاطر : آية ٢٤.
(٧) سورة الزخرف : آية ٦.
(٨) سورة غافر : آية ٧٨.
(٩) سورة النساء : آية ١٦٤.
(١٠) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج ٢ ص ٤٢٢ ـ ٤٢٨ ، وكذلك القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ص ٢٠١٤ ـ ٢٠١٥ ، وكذلك محمود الشرقاوي : الأنبياء في القرآن الكريم ، وكذلك كتابنا إسرائيل ص ٢٨٨ ـ ٢٨٩.