ومنها (ثالث عشر) أن صاحب «تفسير جزء تبارك» يتجه إلى أن مسألة شمول الطوفان لجميع أقسام الأرض ، وعدم شموله لم يرد عنها في الكتاب نص قطعي ، وكلمة لأرض في قوله تعالى : «وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ» ليست نصا في الدلالة على جميع أجزاء سطح الأرض ، وإنما هي تستعمل أحيانا كثيرة استعمالا فصيحا في الجهة الواحدة من جهات الأرض ، ففي سورة يوسف «قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» ، «وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ» ، والمراد بالأرض في الموضعين «أرض مصر» ، لا الكرة الأرضية كلها ، وليس هذا مماراة منا في قدرة الله أن يعم سطح الأرض كلها بالطوفان ، وإنما يجب أن نقف في العقائد خاصة على ما جاء في صحيح النقل وارتاح إليه العقل (١).
ومنها (رابع عشر) أن صاحبي «تفسير الجلالين» يتجهان في تفسيرهما لقوله تعالى : «وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ» (٢) إلى أن الأرض هنا هي أرض مصر (٣).
ومنها (خامس عشر) أن صاحب «تفسير جزء تبارك» يتجه في تفسير قوله تعالى : «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً» (٤) إلى أن نوحا عليهالسلام ختم دعاءه بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات جملة واحدة ، يومئ هذا من طرف خفي إلى أن هناك مؤمنين ومؤمنات غير جماعة بيته الذين نجو معه في السفينة ، وعلى هذا فالطوفان لم يعم الأرض كلها ، ويكون في بعض جهاتها البعيدة مؤمنون ومؤمنات لم يغرقوا ، وقد دعا لهم نوح مع أهل بيته المذكورين (٥).
ومنها (سادس عشر) أن هناك جماعة من أهل فارس والهند ـ كما يروي المؤرخون الإسلاميون ـ يرون أن الطوفان كان خاصا ، وأنه كان ببابل ومجاوراتها ، ولم يصل إليهم ، وأن تاريخ الملك عندهم يمتد في الماضي إلى تاريخ أبعد من الذي قدرته التوراة
__________________
(١) عبد القادر المغربي : تفسير جزء تبارك ، المطبعة الأميرية ـ القاهرة ١٩٤٧ م ص ١٣٩.
(٢) سورة يونس : آية ٨٣.
(٣) جلال الدين المحلي ، وجلال الدين السيوطي : تفسير الجلالين ، دار الشعب ـ القاهرة ١٩٧٠ ص ١٩٣.
(٤) سورة نوح : آية ٢٨.
(٥) عبد القادر المغربي : تفسير جزء تبارك. ص ١٤٣.