لطوفان نوح ، وأن عمرانهم متصل من أعمق أجيال التاريخ إلى اليوم (١).
ومنها (سابع عشر) أن الآثار تثبت ، دونما ريب ، أن هناك طوفانا ـ بل طوفانات ـ حدثت في العراق القديم ، ومن ثم فإن الأثريين يكادون يتفقون ـ وعلى رأسهم سير وليم ويلكوكس ، وسير ليونارد وولي ـ على أن الطوفان لم يشمل الكرة الأرضية كلها ، وإنما كان طوفانا كبيرا على وادي دجلة والفرات أغرق كل الأرض الصالحة للسكنى في هذه المنطقة بين الجبال والصحراء ، والتي هي في نظر سكان المنطقة ـ وبخاصة في تلك الفترة المبكرة ـ بمثابة العالم كله ، وتقدر المساحة التي شملها الطوفان ـ في نظر بعض علماء الآثار ـ بحوالي ٤٠٠ ميل طولا (حوالي ٦٥٠ كيلومترا) في ١٠٠ ميل عرضا (حوالي ١٥٠ كيلومتر) ، وكان ذلك كافيا لأن يغمر الوادي كله ، إذ بلغ ٤٠ ألف ميل مربع ، ورغم أن أحدا لم يستطع حتى الآن أن يحدد زمن الطوفان تحديدا تاما ، إلا أن هناك من يرى أنه ربما يرجع إلى قرب نهاية «عصر جمدة نصر» ، أي قبيل بداية الألف الثالثة ق. م (٢).
ومنها (ثامن عشر) أنه من المعروف في كلام الأنبياء والأقوام وفي أخبارهم أن تذكر «الأرض» ، ويراد بها أرضهم ووطنهم ، كقوله تعالى حكاية عن خطاب فرعون لموسى وهارون «وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ» (٣) ، يعني أرض مصر ، وقوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) (٤) فالمراد بالأرض هنا مكة المكرمة ، وقوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي
__________________
(١) عبد الوهاب النجار : قصص الأنبياء ص ٣٦ وكذلك ابن كثير : البداية والنهاية ص ١١٨ ـ ، وكذلك ابن الأثير : المرجع السابق ص ٧٣ ، وكذلك الطبري : المرجع السابق ص ١٩٢.
(٢)S. L. Woolley, Excavations At Ur, P. ٦٣, Ur of the Chaldees, ٠٥٩١, P ٢٢ Fوكذلك W.Keller ,op.cit.,P.٠٥ ـ ١٥. وكذلك محمد عبد القادر : المرجع السابق ص ٩٥ ، وكذلك عبد الحميد زائد : الشرق الخالد ص ١٢.
(٣) سورة يونس : آية ٧٨.
(٤) سورة الإسراء : آية ٧٦.