حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام» والمعنى فيه أن الحج عبادة عمر لا تتكرر فاعتبر وقوعها في حالة الكمال ، ولأن التكليف تابع للتمييز فشرط هذا الحكم إذن يعود إلى ثلاثة : الإسلام والتكليف والحرية. ولو تكلف الفقير الحج وقع حجه عن الفرض كما لو تحمل الغني خطر الطريق وحج ، وكما لو تحمل المريض المشقة وحضر الجمعة. ولوجوب حجة الإسلام شرط زائد على الثلاثة المذكورة آنفا وهو الاستطاعة بالآية. والاستطاعة نوعان : استطاعة مباشرته بنفسه واستطاعة تحصيله بغيره. النوع الأول يتعلق به أمور أربعة : أحدها الراحلة ، والناس قسمان : أحدهما من بينه وبين مكة مسافة القصر فلا يلزمه الحج إلا إذا وجد راحلة سواء كان قادرا على المشي أو لم يكن لما روي أنه صلىاللهعليهوسلم فسر استطاعة السبيل إلى الحج بوجود الزاد والراحلة. نعم لو كان قادرا على المشي يستحب له أن لا يترك الحج. وعند مالك القوي على المشي يلزمه الحج. ويعتبر مع وجدان الراحلة وجدان المحمل أيضا إن كان لا يستمسك على الراحلة ويلحقه مشقة شديدة. ثم العادة جارية بركوب اثنين في المحمل. فإن وجد مؤنة محمل أو شق محمل ووجد شريكا يجلس في الجانب الآخر لزمه الحج ، وإن لم يجد الشريك فلا. القسم الثاني من ليس بينه وبين مكة مسافة القصر. فإن كان قويا على المشي لزمه الحج وإلا فلا يجب إلا مع الراحلة أو معها ومع المحمل كما في حق البعيد. والمراد بوجود الراحلة أن يقدر على تحصيلها ملكا أو استئجارا بثمن المثل أو بأجرة المثل وكذا في المحمل. المتعلق الثاني : الزاد وأوعيته وما يحتاج إليه في السفر مدة ذهابه وإيابه سواء كان له أهل أو عشيرة يرجع إليهم أو لا فحب الوطن من الإيمان. وكذا الراحلة للإياب وأجرة البذرقة. كل ذلك بعد قضاء جميع الديون ورد الودائع ونفقة من يلزمه نفقتهم حينئذ إلى العود ، وبعد مؤن النكاح إن خاف العنت ، وبعد مسكنه ودست ثوب يليق به وخادم يحتاج إليه لزمانته أو لمنصبه. ولو كان له رأس مال يتجر فيه وينفق من ربحه ولو نقص لبطلت تجارته ، أو كان له مستغلات يرتفق منها نفقته ، فالأصح عند الأئمة أنه يكلف بيعها لأن واجد للزاد والراحلة في الحال ولا عبرة لخوف الفقر في الاستقبال.
المتعلق الثالث : الطريق ويشترط فيه غلبة ظن الأمن على النفس من نحو سبع وعدو ، والأمن على المال من عدو أو رصديّ وإن رضي بشيء يسير ، والأمن على البضع للمرأة بخروج زوج أو محرم أو نسوة ثقات. وفي البحر يعتبر غلبة السلامة وفي البر وجود علف الدابة.
المتعلق الرابع : البدن ويشترط فيه أن يقوى على الاستمساك على الراحلة ، فإن ضعف عن ذلك لمرض أو غيره فهو غير مستطيع للمباشرة. ولا بد للأعمى من قائد ، وعند أبي حنيفة لا حج عليه. ويروى أنه يستنيب قال الأئمة : لا بد مع الشرائط من إمكان المسير وهو