آلاف خطوة ، فإن كل ثلاثة أقدام خطوة. قالت الفقهاء : فاختلاف الناس في هذه الأقوال يدل على انعقاد الإجماع على أن الحكم غير مربوط بمطلق السفر. وقال أهل الظاهر : اضطراب السلف في هذه الأقاويل يدل على أنهم لم يجدوا في المسألة دليلا قويا فوجب الرجوع إلى ظاهر القرآن. (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) يريد أن العداوة الحاصلة بينكم وبينهم قديمة فكونوا على حذر منهم.
التأويل : ليس لمؤمن الروح أن يقصد قتل مؤمن القلب إلّا أن يكون قتل خطأ ؛ وذلك أن الروح إذا خلص عن حجب ظلمات الصفات البشرية يتجلى الروح للقلب فيتنور بأنوار الروحانية ، ثم تنعكس أنوار الروح عن مرآة القلب إلى النفس الأمارة فتموت عن صفاتها الذميمة الظلمانية ، وتحيا بالصفات الحميدة الروحانية ، وتطمئن إلى ذكر الله كاطمئنان القلب به ، ففي بعض الأحوال يتأيد الروح بوارد روح قدسي رباني ويتجلى في تلك الحالة الروح للقلب فيخر موسى القلب صعقا ميتا بسطوة تجلي الروح القدسي الرباني ويجعل جبل النفس دكا. وكان قتله خطأ لأنه ما كان مقصودا بالقتل في هذا التجلي وكان القصد تنويره وتصفيته وقتل النفس الكافرة. (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً) أي قلبا مؤمنا : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وهي رقبة السر الروحاني فتصير رقبة السر محررة عن رق المخلوقات (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) يعني يسلم العاقلة ـ وهو الله تعالى ـ دية القلب إلى أهل القلب وهم الأوصاف الحميدة الروحانية من جمال كمال ألطافه لتصير الأوصاف بها أخلاقا ربانية إلّا أن تتصدق الأوصاف بهذه الدية على مساكين أوصاف النفس الحيوانية والشيطانية (فَإِنْ كانَ) القتيل بالتجلي (مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) أي من صفات النفس (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي هذه الصفة قد آمنت بأنوار الروح القدسي دون أخواتها من الصفات : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وهي رقبة القلب تصير محررة عن رق حب الدنيا ولا دية لأهل القتيل. (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) وهم صفات النفس وميثاقها قبول أحكام الشرع ظاهرا وترك المحاربة مع القلب وأوصافه (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ) على عاقلة الرحمة إلى أهل تلك الصفة المقبولة وهم بقية صفات النفس كما قال تعالى : (إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) [يوسف : ٥٣] وتحرير رقبة مؤمنة وهي رقبة الروح يصيرها محررة عن رقة الكونين. (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) رقبة مؤمنة من الروح والقلب والسر للتحرير بأن تكون رقابهم قد حررت عن رق ما سوى الله : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) أي فعليه الإمساك عن مشارب العالمين على التتابع والدوام مراقبا قلبه لا يدخله شيئا من الدنيا والآخرة مراعيا وقته. فلو أفطر بأدنى شيء من المشارب كلها يستأنف الصوم ولا يفطر بشيء دون لقاء الله تعالى. قال قائلهم :