قولين : أحدهما أنها عامة في جميع تكاليفه ومنه قول الحسن : شعائر الله دين الله. والثاني أنها شيء خاص من التكاليف. ثم قيل : المراد لا تحلوا ما حرم الله عليكم في حال إحرامكم من الصيد. وقيل : الأفعال التي هي علامات الحج التي يعرف بها من الإحرام والطواف والسعي والحلق والنحر. وقال الفراء : كانت عامة العرب لا يرون الصفا والمروة من شعائر الحج فنهوا عن ترك السعي بينهما. وقال أبو عبيدة : الشعائر الهدايا التي تطعن في سنامها وتقلد ليعلم أنها هدي. وقال ابن عباس : إن الحطم واسمه شريح بن ضبيعة الكندي أتى النبي صلىاللهعليهوسلم من اليمامة إلى المدينة فخلف خيله خارج المدينة ودخل وحده على النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له : إلام تدعو الناس؟ فقال : إلى شهادة أن لا إله إلّا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. فقال : حسن إلّا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم ، ولعلي أسلم وآتي بهم. وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان ثم خرج من عنده. فلما خرج قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقبى غادر وما الرجل بمسلم. فمرّ بسرح المدينة فاستاقه فطلبوه فعجزوا عنه ، فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عمرة القضاء سمع تلبية حجاج اليمامة فقال لأصحابه : هذا الحطم وأصحابه وكان قد قلد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة ، فلما توجهوا في طلبه أنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) يريد ما أشعر لله وإن كانوا على غير دين الإسلام. وقال زيد بن أسلم : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بالحديبية حين صدهم المشركون وقد اشتد ذلك عليهم ، فمر بهم ناس من المشركين يريدون العمرة ، فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نصد هؤلاء عن البيت كما صدنا أصحابهم؟ فأنزل الله : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) أي قوما قاصدين إياه. والمعنى لا تعتدوا على هؤلاء العمار لأن صدكم أصحابهم فالشهر الحرام شهر الحج أعني ذا الحجة ، أو المراد رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وعبر عنها بلفظ الواحد اكتفاء باسم الجنس ، أي لا تحلوا القتال في هذه الأشهر. والهدي ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى الله من النسائك جمع هدية. والقلائد جمع قلادة وهي ما قلد به الهدي من نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجر الحرم. والمراد لا تحلوا ذوات القلائد من الهدي أفرد للاختصاص بالفضل مثل وجبريل وميكال. ويحتمل أنه نهي عن التعرض للقلائد ليلزم النهي عن ذوات القلائد بالطريق الأولى كقوله : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) [النور : ٣١] فإنه نهي عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن إبداء مواقعها. وللمفسرين خلاف في الآية فذهب كثير منهم كابن عباس ومجاهد والحسن والشعبي وقتادة أنها منسوخة ، وذلك أن المسلمين والمشركين كانوا يحجون جميعا فنهى المسلمون أن يمنعوا أحدا عن