الخبيثة (وَإِذا حَلَلْتُمْ) أتممتم مناسك الوصول (فَاصْطادُوا) أرباب الطلب بشبكة الدعوة إلى الله ، ولا يحملنكم حسد الحساد الذين يريدون أن يصدّوكم عن الحق على أن تعتدوا على الطالبين فتكونوا قطاع الطريق عليهم في طلب الحق. (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) يا أهل الحق (الْمَيْتَةُ) وهي الدنيا بأسرها (وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) أي حلالها وحرامها قليلها وكثيرها لأن من الدم ما هو حلال والخنزير كله حرام والدم بالنسبة إلى اللحم قليل (وَما أُهِلَّ بِهِ) أي كل طاعة هي (لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ) يعني الذين يخنقون أنفسهم بالمجاهدات ويقذونها بالرياضات رياء وسمعة (وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ) الذين يتردون أنفسهم إلى أسفل سافلي الطبيعة بالتناطح مع الأقران والتفاخر بالعلم والزهد بين الإخوان (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) الظلمة المتهارشون في جيفة الدنيا تهارش الكلاب (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) بالكسب الحلال ووجه صالح بقدر ضرورة الحال (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ما تذبح عليه النفوس من المطالب الفانية (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) أي أن تكونوا مترددين في طلب المرام ، فإذا انتهيتم عن هذه المناهي وتخلصتم عن هذه الدواهي فقد عاد ليلكم نهارا وظلمتكم أنوارا. (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من النفس وصفاتها والدنيا وشهواتها (مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) فإن كيدي متين. (الْيَوْمَ) أي في الأزل (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ولكن ظهر الأمر في حجة الوداع يوم عرفة. (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) وهي أسباب تحصيل الكمال ببعثة النبي صلىاللهعليهوسلم (فَمَنِ اضْطُرَّ) فمن ابتلى بالتفات لشيء من الدنيا والآخرة غير مائل إليه للإعراض عن الحق ولكن من فترة للطالبين أو وقفة للسالكين. (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَ) لأرباب السلوك إذ الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا وهما حرام على أهل الله الطيبات كل مأكول ومشروب وملبوس يكون سببا للقيام بأداء الحقوق. (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) تناولوا ما اصطادت النفوس المطمئنة المعلمة بعلوم الشريعة المؤدبة بآداب الطريقة المنوّرة بأنوار الحقيقة. (وَاذْكُرُوا) عند تناول كل ما ورد عليكم من الأمور الدنيوية والأخروية (اسْمَ اللهِ) أي لا تتصرفوا فيه إلّا لله بالله في الله (الْيَوْمَ) يعني الذي فيه ظهر كمالية الدين الأزلية وهو يوم عرفة. وهذه فائدة التكرار (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) التي تتعلق بسعادة الدارين بل أحل لكم التخلق بالأخلاق الطيبات وهي أخلاق الله المنزهات عن الكميات والكيفيات (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وهم الأنبياء (حِلٌّ لَكُمْ) أي غذيتم بلبان الولاية كما غذوا بلبان النبوة (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) أي منبع لبن النبوة والولاية واحد وإن كان الثدي اثنين (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) [البقرة : ٦٠] وللنبي وراء ذلك كله مشرب «أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) وهي أبكار حقائق القرآن