بمعنى. قال الحسن : كلمة عربية كان الرجل ، إذا كذب كذبة في نادي القوم يقول له بعضهم : قد خرقها والله أعلم. ويجوز أن يكون من خرق الثوب إذا شقه أي اشتقوا له بنين وبنات. أما قوله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) فكالتنبيه على إبطال قولهم ، فإن من عرف الإله حق معرفته استحال أن يثبت له ولدا لأن ذلك الولد إن كان واجب الوجود لذاته كان مستقلا بنفسه قائما بذاته لا تعلق له في وجوده بالآخر تعلق الفرعية ، وإن كان ممكن الوجود لذاته كان موجودا بإيجاد الواجب وكان عبدا له لا ولدا. وأيضا الولد إنما يحتاج إليه ليقوم مقام الوالد بعد فنائه ومن تقدس عن الفناء لم يحتج إلى الولد. وأيضا الولد جزء من أجزاء الوالد ومن لم يكن مركبا استحال أن ينفصل منه جزء يتولد منه الولد. ثم نزه نفسه عما لا يليق به فقال (سُبْحانَهُ) وهذا على لسان المسبحين (وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) وهذا له في نفسه سواء سبحه مسبح أم لا. والمراد بالتعالي العلو بالشرف والرفعة بدليل قوله عما يصفون.
التأويل : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) حين أنكروا إنزال الكتب والبعثة على أنهم لو اعترفوا بذلك أيضا لم يعرفوه حق معرفته لأن المحاط لا يحيط بالمحيط. نعم تزداد معرفته بازدياد معرفة أوصافه (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ) أي في القراطيس ، وما يجعلونه في قلوبهم بالتخلق بأخلاقه (وَعُلِّمْتُمْ) بتعليم محمد صلىاللهعليهوسلم (ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) كقوله (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ١٥١] ومن الحكمة ما هو سره الذي يكون تعليمه بسر المتابعة سرا بسر وإضمارا بإضمار ، والذي علم النبي هو الله في خلوة ما سوى الله ولهذا قال (قُلِ اللهُ مُبارَكٌ) على العوام بأن يدعوهم إلى ربهم ، وعلى الخواص بأن يهديهم إلى ربهم ، وعلى خواص الخواص بأن يوصلهم إلى ربهم ويخلقهم بأخلاقه ، وفي كتاب المحبوب شفاء لما في القلوب (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) لأنه يصدق حقائق جميع ما في الكتب (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) وهي الذرة المودعة في القلب التي هي المخاطب في الميثاق وقد دحيت جميع أرض القلب من تحتها (وَمَنْ حَوْلَها) من الجوارح والأعضاء والسمع والبصر والفؤاد والصفات والأخلاق بأن يتنوّروا بأنواره وينتفعوا بأسراره ويتخلقوا بأخلاقه. (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) فيستعملون الأدوات والآلات في أمور الدنيا والآخرة لا في الدنيا الفانية وشهوات النفس وهواها (يُؤْمِنُونَ) بالقرآن (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ) بالترقي من صفاتهم إلى التخلق بأخلاق القرآن يداومون ، فإن الصلاة معراج المؤمن (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بإظهار المواجد والحالات رياء ومراء من غير أن يكون له منها نصيب ، (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ) الإشارات ولم يلهم نفسه شيئا منها ، ومن قال متشدّقا متفيهقا سأتكلم بمثل كلام الله من الحقائق والأسرار فتظهر مضرة ظلمه وافترائه عند