مصدر كالمغفرة ، ومن نصب فعلى أنّا نعتذر معذرة أو وعظناهم معذرة إلى ربكم أي إذا طولبنا بإقامة النهي عن المنكر قلنا قد فعلنا فنكون بذلك معذورين (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ولأنا نرجو أن يتقوا بعض الاتقاء فيتركوا الصيد في السبت (فَلَمَّا نَسُوا) يعني أهل القرية تركوا ما ذكرهم به الصالحون (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) ومعناه على اختلاف القراآت شديد من بؤس يبؤس بأسا إذا اشتد. والظاهر أن هذا العذاب عير المسخ المتأخر في قوله (فَلَمَّا عَتَوْا) تكبروا وتمردوا أو أبوا عن ترك ما نهوا عنه بحذف المضاف لأن الإباء عن المنهي عنه يكون طاعة (قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) والمراد أمر التكوين والإيجاد لا أن هناك قولا. وقيل : فلما عتوا تكرير لقوله (فَلَمَّا نَسُوا) والعذاب البئيس هو المسخ. عن الحسن : أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها أثقلها خزيا في الدنيا وأطولها عذابا في الآخرة ، هاه وأيم الله ما حوت أخذه قوم فأكلوه أعظم عند الله من قتل رجل مسلم ولكن الله جعل موعدا والساعة أدهى وأمر. وقد ذكرنا هذه القصة مع تحقيق المسخ في سورة البقرة إلا أنه بقي هاهنا بحث هو أن أهل القرية كم فرقة كانوا؟ فقيل : فرقتان المذنبة والواعظة ، وأما الأمة القائلة «لم تعظون» فهم المذنبة بعينها قالوا للفرقة الواعظة (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ) بزعمكم. والاعتراض على هذا القول أنه لو صح ذلك لكان اللائق أن يقال في الجواب معذرة إلى ربكم ولعلكم تتقون لأن الجميع خطاب من الفرقة الناهية للفرقة العاصية. والصحيح أنهم ثلاث فرق فرقة مذنبة وفرقة واعظة وفرقة قالوا للواعظين (لِمَ تَعِظُونَ) أما المذنبة فقد هلكوا بالاتفاق ، وأما الواعظة فقد نجوا. بقي الكلام في الثالثة : فعن ابن عباس أنه توقف فيهم وكان يقول فيهم ليت شعري ما فعل بهؤلاء. وعنه أيضا أنهم هلكوا وكان إذا قرىء عليه هذه الآية بكى. وقال : إن هؤلاء الذين سكتوا عن النهي عن المنكر هلكوا ونحن نرى أشياء ننكرها ثم نسكت ولا نقول شيئا. وعن الحسن أنهم نجوا لأنهم كانوا ينكرون عليهم ويحكمون بأن الله سيهلكهم أو يعذبهم وإنما تركوا الوعظ لأنهم لم يروا فيه غرضا صحيحا لعلمهم بحال القوم ، وإذا علم الناهي بحال المنهي وأن النهي لا ينجع فيه سقط عنه النهي. ولعل الواعظين لم يستحكم يأسهم بعد كما استحكم يأس هؤلاء أو لعلهم كانوا أحرص الطائفتين. ولعل الأمة سألوا عن علة الوعظ سؤال المسترشدين لا سؤال المنكرين والله تعالى أعلم بالسرائر. النوع الرابع : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) هو تفعل من الإيذان وهو الإعلام والمعنى عزم ربك لأن العازم على الأمر يحدث به نفسه فكأنه يؤذن النفس بأنه يفعله وأجري مجرى فعل القسم في الجزم بالجزاء نحو «علم الله» و «شهد الله». فأجيب بجواب القسم أي ختم ربك