لطائف هذا الاسناد
١ ـ إنّ رواة هذا الطريق أئمّة ثقات ، ضابطون ، عدول ، حفاظ للحديث ، فقهاء في الشريعة ، علماء بالسنة ، لم يكونوا بالمغمورين المطمورين ، وقد تقدم ذكر تصريحات العلماء في حقّهم.
٢ ـ إنّ رواة هذا الطريق هم مقصد البخاري في صحيحه ، لأنّهم بمثابة الطبقة الأولى من الطبقات التي تروي عن الزهري.
٣ ـ إنّ لكلّ من رواة هذا الطريق ، ملازمة طويلة ـ لا تقلّ عن عدّة أعوام ـ كلّ عمن يروى عنه ، وهذا مما يجعل هذا الطريق أكثر قوّة وحجية.
٤ ـ إنّ بعض رواة هذا الطريق كان أعلم من غيره بعلم ابن عباس ، فعن ابن عيينة قال : ما أعلم أحدا أعلم بعلم ابن عباس رضي اللّٰه عنهما من عمرو بن دينار ، سمع من ابن عبّاس وسمع من أصحابه.
٥ ـ إنّ رواية عكرمة عن ابن عبّاس في هذا الطريق لا تفيد الظنّ المعتبر فقط ، بل هي رواية محفوفة بالقرائن الخاصة التي تورث الاطمئنان ، لأنّ عكرمة كان قد اطّلع على حركات وسكنات ابن عباس عن حسّ ، وبما أنّ الوضوء من الأعمال المتكرّرة في اليوم عدّة مرات ، فأخبار عكرمة يأخذ مأخذا آخر ، أعلى من محض الرواية بالسماع أو بالمشاهدة مرّة أو مرّات.
٦ ـ إنّ الجماعة وطائفة من أهل العلم قد احتجّوا برواة هذا الطريق الّا مسلما فإنّه توقّف في عكرمة ، لكنّه رجع فاحتج به ، وعليه فهذا الطريق حجّة عند الجميع.
٧ ـ ومن خصائص هذا الإسناد أنّ فيه توثيق صحابيّ لتابعيّ ، فقد روي عن عثمان ابن حكيم قوله : كنت جالسا مع أبي أمامة بن حنيف إذ جاء عكرمة ، فقال : يا أبا أمامة ، أذكرك اللّٰه هل سمعت ابن عباس يقول : ما حدّثكم عني عكرمة فصدقوه فإنّه لم يكذب عليّ؟ فقال أبو أمامة : نعم. وهذا الإسناد صحيح على ما هو صريح ابن حجر.
والحاصل : إنّ طريق عبد الرزاق في هذا الحديث صحيح على شرط البخاري وغيره