الضعفاء لو وافقت ما رواه الثقات ، أي أنّ هذه الروايات تكون حسنة بغيرها. فلو كانت رواية ابن عجلان عن عبد اللّٰه بن عقيل معتبرة ـ بنص الترمذي ـ مع أنّ فيها ابن عجلان الضعيف ، فهذه الرواية أولى بالعمل لكون الجرح هنا في عبد اللّٰه وحده.
٣ ـ إنّ الّذي رواه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل في هذه الأسانيد عن ابن عباس هو الأقرب للواقع ، لموافقته للروايات الصحيحة المسحية عن ابن عباس ولأقوال العلماء الجازمة بأنّ مذهب ابن عباس هو المسح على القدمين لا غير والّذي مرّ عليك في مرويات عبد اللّٰه بن عباس المسحيّة.
نعم ، إنّهم يطلقون على روايات ابن عقيل وجابر الجعفي وأمثالهم أنّها منكرة ، لكي لا يأخذ الناس بها ، وسيتضح لك من بحوثنا إنّ النكارة عند القوم على أقسام ، وهي هنا غير النكارة الحقيقية ، فالنكارة عندهم ـ في بعض صورة ـ هي رواية شيء لا يرتضونه ، وليس معناه عدم صحة تلك الروايات ، إذ إنّك ستلاحظ وجود متابعات وشواهد كثيره تدل على صحة تلك الأخبار المدعاة فيها النكارة ، وفي نسبة الخبر إلى الربيع إشارة إجمالية إلى جذور هذه المسألة ودواعي هكذا نسب.
البحث الدلالي
إنّ قول ابن عباس للربيع بنت المعوذ (أبى الناس إلّا الغسل ولا أجد في كتاب اللّٰه إلا المسح) يوقفنا على أمور :
الاولى : وقوع هذا القول منه لها ما بين سنة ٤٠ إلى ٦٠ للهجرة ، لأنّ قوله «أبى الناس» لا يحصل إلّا بعد شيوع هذا الوضوء بينهم ، وهذا لم يحصل إلّا في الزمن المتأخر ، لأنّا قد وضحنا سابقا ـ في مدخل الدراسة ـ عدم اختلاف الأمة في الوضوء على عهد الرسول والشيخين ، وأنّ الخلاف قد ظهر في عهد عثمان بن عفان بالخصوص ، ورجّحنا فيه كون عثمان من الماسحين ـ في الست الأوائل من عهده ـ وأنّ قوله (إنّ ناسا) المطروح في صدر الدراسة كان المنعطف في هذا الأمر ، لأنّ الأمة كانت لا ترضى به ولا بوضوئه ، بل أدى اختلافهم معه إلى إباحة دمه وقتله ، فلا يصح أن يكون ـ إباء الناس إلا الغسل!! ـ في تلك الفترة من تاريخ الإسلام ، بل إنّ هذا التضاد بين الخليفة عثمان والأمة هو الذي دعاه أن يشهد بعض الصحابة على