ولم يقتصر على التضحية بنفسه ، بل قتل معه ابناه خلّاد وعلي (١) في تلك الوقعة المريرة.
وتكاد المصادر تتفق على أنّه قتل في وقعة الحرة التي كانت آخر ذي الحجة سنة ٦٣ ، وهو ابن سبعين سنة (٢).
عبد اللّٰه بن زيد والوضوء
بعد هذه المقدمة التي عرفنا على ضوئها أمورا كثيرة في تاريخ التشريع الإسلامي ، وتعرفنا كذلك على تخالف الأنصار مع المهاجرين فقها وسياسا ، لا بد من الإشارة إلى أهداف القرشين في الوضوء بالخصوص ، فإنّهم من جهة كانوا يريدون مشاركة الأنصار في شرعية هذا الوضوء الجديد ، لكونهم شريحة مهمة في الإسلام ، ومن جهة أخرى كان لا يمكنهم نسبة ذلك الوضوء إلى أعيان الأنصار كأبي سعيد الخدري وأبي موسى الأشعري وغيرهما ببساطة ، لأنّ النّاس كانوا قد وقفوا على وضوء هؤلاء ، وإن نقل شيء يخالف وضوئهم سيخطّا من قبل الآخرين فرأوا من الأنسب أن ينسب الوضوء الثلاثي الغسلي إلى صحابي أنصاري مغمور كعبه اللّٰه بن زيد ، لا يكون محورا للتساؤل ولا محطا لأن تتوجه انظار المسلمين إليه ، فمع إمكان نسبة الوضوء وأمثاله لأمثال عبد اللّٰه بن زيد من صغار الصحابة المغمورين ومع تحقق الفرض به لا داعي لأن ينسب ذلك إلى كبار الصحابة.
ونحن لو وقفنا على موقف أنس بن مالك الأنصاري مع الحجاج بن يوسف الثقفي لعرفنا تخالف موقف هذا الأنصاري مع ما ما ينقل عن عبد اللّٰه بن زيد الأنصاري في الوضوء.
ومثله الحال بالنسبة إلى جابر بن عبد اللّٰه الأنصاري الذي جاء عنه أنه كان يمسح على قدميه (٣).
__________________
(١) تهذيب التهذيب ٥ : ٢٢٣ عن ابن سعد.
(٢) تهذيب الكمال ١٤ : ٥٤٠ ، تهذيب التهذيب ٥ : ٢٢٣
(٣) عمدة القاري ٢ : ٢٤٠.