عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله في جواز التغني (١) أو أسباب دخولها إلى واسط (٢) ـ البلدة التي بناها الحجاج بن يوسف الثقفي لعسكره ـ لاعتقادنا بان النص السابق وحده ، وما مر في البحث الدلالي عنها كاف لتجسيم امتداد الاتجاهين في عهدها.
فابن عقيل أراد بكلامه السابق أن يوقفها على خطئها في الفهم والاجتهاد لقوله لها : فبأيّ شيء كان الإناء؟
فأجابت : قدر مد أو مدّ وربع فجملة (فبأيّ شيء كان الإناء) يفهمنا بأن ابن عقيل أراد بكلامه بيان أمرين :
أولهما : إرشادها إلى سقم رؤيتها لأنّه صلىاللهعليهوآله لو كان يمسح رأسه مقبلا ومدبرا لاحتاج إلى أكثر من مدّ ، لعدم استيعاب المدّ لغسل تمام أعضاء الوضوء ، وهذا التشكيك من ابن عقيل هو الذي حدي بالربيع أن تزيد في قدر المدّ!! فقالت : قدر مد بالهاشمي أو مدّ وربع.
أي أنها انتهت إلى عدم كفاف وإيفاء هذا القدر من الماء (أي المدّ) لمسح الرأس كله مقبلا ومدبرا مع غسل الرجلين وبقية الأعضاء ثلاثا ، فإنها أتت بتلك الزيادة ، كي تعذر نفسها.
وثانيهما : أنّ ابن عقيل أراد أن يرى الإناء الذي كانت تصب فيه الماء لرسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، كي يوضح على ضوئه أن ما تقوله لا يلائم ما تفرضه من حجم الماء الذي فيه ، لان الماء الموجود في هذا الظرف الصغير لا يمكن معه غسل الرجلين ثلاثا!! أي إنّ ابن عقيل أراد أنّ يوضح لها كذب كلامها وعدم تطابقه مع الواقع على وجه الدقة والتحقيق لا الحدس والتخمين ، أي أنه استفاد من النقد الداخلي للخبر للدلالة على سقم رأيها.
هذا بعض الشيء عن استدلال ابن عقيل على الربيع ، وأنت قد عرفت سابقا
__________________
(١) مسند احمد ٦ : ٣٥٩.
(٢) تاريخ واسط ، لأسلم بن سهل المعروف ببحشل : ٧٤.