وفق هذه الدراسة أن دعاة المسح كانوا غالبا يستدلون على ما يذهبون اليه بالقرآن والسنة والرأي ، ولم يكتفوا بطرحه على نحو الادعاء ـ كما كان يفعله الاتجاه المقابل.
وقد مرت عليك نصوص الإمام علي وكيفية تحكيمه للرأي في إلزام الآخرين بضرورة مسح القدمين.
وهكذا الحال بالنسبة إلى ابن عباس كيف استدل بالقرآن والسنة والرأي إلزاما على ما يذهب إليه.
ومثله كان موقف انس بن مالك من الحجاج بن يوسف الثقفي.
والان تأمل في كلام جابر بن عبد اللّٰه الأنصاري ـ الذي ختم الحجاج بن يوسف في يده كي لا يحدث ـ ومدى تطابقه مع ما حكاه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل عن أبيه عن جده في الوضوء ، قال : قال رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يجزي من الوضوء مد ، ومن الغسل صاع ، فقال رجل : لا يجزينا ، فقال : وقد كان يجزي من هو خير منك وأكثر شعرا (يعني النبي) (١).
فقد جاء في صحيح ابن خزيمة عن جابر بن عبد اللّٰه مثل ما سبق عن عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، إذ قال له رجل : لا يكفينا يا جابر؟
قال : قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا (٢).
وقد جاء نحو هذا عن ابن عباس (٣).
وقد جاء عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاري ـ برواية ابن عقيل ـ قوله : كان رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه (٤) ، وهذا يتفق مع القائلين بلزوم غسل المرفقين من الأعلى إلى الأسفل! كانت هذه صورة أخرى لتخالف النهجين ، أردنا عرضه بشكل آخر كي يتضح
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ٩٩.
(٢) صحيح ابن خزيمة ١ : ٦٢.
(٣) انظر نسبة الخبر إلى ابن عباس.
(٤) سنن الدار قطني ١ : ٨٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ : ٥٦ باب إدخال المرفقين في الوضوء.