نسبة الخبر إليه
لا ينكر أحد استمرار النزاع بين قريش وبني هاشم بعد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وتأثير هذا النزاع على فقه المسلمين من بعد ، لانقسامهم إلى نهجين فكريّين في الشريعة ، فبعض الصحابة ـ وعلى رأسهم أكثر المهاجرين ـ قد شرّعوا الرأي وأخذوا به قبال النص ، بخلاف بني هاشم وجمع آخرين من الصحابة الذين أكّدوا على لزوم استقاء الأحكام الشرعيّة من القرآن والسنة المطهرة ، ولم يعطوا للرأي قيمة أمام النصّ القرآني والنبوي.
وقد شرح الإمام عليّ بن أبي طالب هذا الانقسام موضّحا دور قريش في بدء الدعوة وسعيها لاستئصال الدين ودفنه عند منبته ، مشيرا إلى دور بني هاشم وأنّهم الذين دافعوا عن الإسلام ، ووقوه بأموالهم وأنفسهم ، حتى قال عنهم رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله (. إنّهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وإنما نحن وهم شيء واحد ، وشبّك بين أصابعه) (١).
وبما أنّ قريشا لم يمكنها الوقوف بوجه الدّعوة ، انضوت تحت لوائه مرغمة ، منتظرة أن يأتي اليوم الموعود ـ وهو رحيل الرسول الأعظم ـ كي يحققوا ما يهدفون إليه ، وقد أخبر سبحانه بوقوع هذا الانقلاب بقوله (أَفَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ).
إخبار رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بالفتنة
وجاء في كلام للإمام علي مخاطبا (أهل البصرة) حين قام إليه رجل ، فقال :يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة ، وهل سألت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله عنها؟
فقال عليهالسلام : إنّه لما أنزل اللّٰه سبحانه قوله (الم ، أَحَسِبَ النّٰاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّٰا وَهُمْ لٰا يُفْتَنُونَ) علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله بين أظهرنا ، فقلت :
__________________
(١) سنن النسائي ٧ : ١٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ١٤٦ / ٢٩٨٠.