قبل الدخول في مناقشة الروايات البيانية عند الطرفين «نهج التعبد المحض ونهج الاجتهاد بالرأي» لا بدّ من إعطاء فكرة إجمالية عن طريقة عملنا في هذا القسم ، فنقول :
قد اتخذنا (الجامع الصحيح) للترمذي منهجا أوّليا لمعرفة روايات الوضوء التي أتى بها الترمذي في باب ما جاء في وضوء النبيّ صلىاللهعليهوآله كيف كان؟ لأنّه انتهج في كتابه ذكر أسماء كلّ الصحابة الذين رووا فيما يتعلق بكل باب من أبواب جامعه ، ثمّ وسّعنا العمل بتخريج روايات أولئك الصحابة في الصحاح والمسانيد والسنن المتداولة بأيدينا ، ودرسنا جميع تلك الأخبار سندا ودلالة ونسبة ، وبتعبير الفقهاء من جهة أصالة الصدور ، وأصالة الظهور ، وجهة الصدور.
وحيث أنّ معنى البحثين السنديّ والدلاليّ قد عرفت ماهيته لدى الباحثين فلا حاجة بنا لتوضيحه ، وأمّا ما اصطلحنا عليه بجملة «نسبة الخبر» فهو ممّا يجب توضيحه ، لأنّا بعد الفراغ من دراسة الخبر سندا ودلالة ، نأتي إلى دراسة حقيقة إمكان انتساب هذا الخبر إلى ذلك الصحابي المنسوب إليه الخبر ، وهل يتوافق مع مرويّاته الأخرى وسيرته العمليّة أم لا؟ بل ومدى تطابق هذا المنسوب مع الثوابت الحديثية الأخرى الصادرة عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله؟ وأخيرا نأتي بما يرجّح أحد النقلين عنه.
لأنّ الذي يهمّنا هو الإلمام بأطراف الحدث الفقهيّ المراد دراسته ، من خلال الأخذ بجميع أطراف الشخصيّة المنسوب إليها الحدث ، أو التي يمكن أن ينسب إليها ، بناء على الكليّات العامّة التي عرفناها عنه ، ثمّ محاولة تطبيق هذا المنسوب مع الحصيلة النهائية المستنتجة منها ، ومدى تلاؤم وانسجام تلك النسبة معه أو عدمها؟
فمطلوبنا هو الوصول إلى إمكان انتساب الواقعة الفقهية إلى الشخصيّة الفلانيّة