نسبة الخبر إليه
إنّ أوّل ما يطالعنا حول وضوء هذا الصحابي ، هو وجود نقلين لوضوئه ، (مسحي ثنائي) و (غسلي ثلاثي) ، وقد تبين خلال البحث الأنف أنّ الوضوء المسحي هو الراجح صدوره عنه.
والذي يؤيّد هذه النتيجة المتوصل إليها ، وجود أكثر من شاهد ومؤشّر يجعلنا نطمئن بوضوئه المسحي ، وأن نشك فيما روي عنه من الوضوء الغسلي.
فهذا الصحابي هو من خزرج الأنصار ، الذين عرفوا بمواقفهم المشرفة تجاه النبي في حياته وتجاه أهل بيته في حياته وبعد وفاته صلىاللهعليهوآله.
فقد قدّم الخزرج من الأنصار ثمانية شهداء من مجموع أربعة عشر شهيدا في بدر (١) ، وقدّموا في معركة أحد سبعين شهيدا وأربعين جريحا في حين استشهد أربعة من المهاجرين فقط (٢) ، وكان في غزوة بني المصطلق ثلاثون فارسا من المسلمين عشرون منهم من الأنصار (٣) ، وحين انهزم المسلمون في بداية وقعة حنين كان النداء موجّها إلى الأنصار ، ثمّ على بني الحارث بن الخزرج الذين كانوا صبرا عند اللقاء (٤) ، وقد كانت الأنصار في كل ذلك إلى جانب الرسول صلىاللهعليهوآله ضد قريش وعتاتها ، وقد تجلى ذلك واضحا في وقعة الخندق (الأحزاب) حيث دافعوا عن مدينتهم بحفر الخندق ، وأكبروا موقف علي في قتله عمرو بن ودّ ومن عبر معه الخندق ، كما تجلّى الصراع وبغض قريش للأنصار في فتح مكة ، حيث اعتبرت قريش أنّ أطول الباع في هزيمتها أمام النبي إنما كان للأنصار.
وهذا هو الذي يفسر لنا سر تسليط النبي صلىاللهعليهوآله الضوء على الأنصار ، والأمر
__________________
(١) الأنصار والرسول ، لإبراهيم بيضون : ٢٦ عن خليفة بن خياط ١ : ٢٠.
(٢) الأنصار والرسول ، لإبراهيم بيضون : ٣٢ عن المغازي : ٣٠ ، ابن سعد ، عزوات : ٤٣.
(٣) الأنصار والرسول ، لإبراهيم بيضون : ٣٤.
(٤) المغازي النبوية : ٩٢ ، ومغازي الواقدي ٣ : ٨٩٩.