هذه هي أهمّ الأقوال الواردة فيه ، وقد رأيت أنّ علّة التليين لا تتعدّى سوء حفظه وإلّا فهو في نفسه ثقة صدوق ، وقد احتجّ به بعض أساطين العلم كأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن إبراهيم.
وعليه فقد اتضح من مجموع كلمات العلماء أنّ عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ممّن يتابع عليه ، وذلك لأنّه لم يجرح بما يمسّ بوثاقته وصدقه ، بل تليينه جاء لسوء حفظه ، وهذا الضعف قد يتدارك ـ بواسطة القرائن وغيرها ـ فترتقي مرويّاته من درجة الضعف إلى درجة الحسن ، وقد مرّ عليك (في مرويات عبد اللّٰه بن عباس المسحية) إسناد ابن ماجة عن الربيع الّذي حكم عليه بأنّه طريق حسن (١) ، وهذا يقتضي أنّ ما أسنده عبد الرزاق عن الربيع ـ وكذا البيهقي عنها هنا ـ حسن أيضا لاتّحاد العلّة في الجميع ، إذ أنّ جميع رواة هذه الأسانيد ـ سوى عبد اللّٰه ـ ثقات حفّاظ ، بل إنّ بعضهم أئمّة! وإليك القرائن الّتي يمكن بمجموعها أن ترقى هذه الأسانيد إلى درجة الحسن.
١ ـ روى هذا الحديث عن عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ثلاثة من إثبات أهل العلم.
فالأول : سفيان بن عيينة على ما في إسناد الحميدي والبيهقي و ..
والثاني : معمر بن راشد الأزدي ، على ما في إسناد عبد الرزاق.
والثالث : روح بن القاسم ، على ما في إسناد ابن ماجة وأبي بكر بن أبي شيبة ، والذي قال عنه الذهبي : قد وثقه الناس ، فرواية ثلاثة أعلام كهؤلاء عنه بمتون متّفقة بلا زيادة فيها ولا نقيصة ، لقرينة قويّة على صدور قول ابن عباس المتقدّم للربيع.
٢ ـ ظاهر كلام الترمذي هو الاحتجاج بما يرويه عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، لو اتفقت مروياته مع مرويات الثقات لأنّه كان قد صدّر باب (ما جاء في مسح الرأس مرّة) بما رواه محمد بن عجلان ـ الضعيف ـ عن عبد اللّٰه ابن عقيل عن الربيع ، وقال بعد ذلك : «والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم» ، ومعنى كلامه هو احتجاجه بمرويّات
__________________
(١) انظر ص : من هذا المجلد.