والمضعّف عند الجميع ، وحينما سقطت رواية سعيد بن جبير بقي طريق عطاء بن يسار ، وهذا لم يختص بابن عبّاس ولم يدوّن عنه ، بعكس رواة المسح حسب ما عرفت.
الثالثة : سعى أهل الاجتهاد والرأي ـ من خلال رسم أصول الجرح والتعديل ـ لتضعيف رواة الوضوء المسحي ، لا لكونهم قد رووا الوضوء المسحيّ حسب ، بل لروايتهم أحاديث غريبة منكرة لم يألفوها في كتبهم وصحاحهم!!.
نعم ، إنّهم قد ضعفوا أئمّة حفاظا كانت الجماعة (أصحاب الصحاح والسنن) قد روت لهم في موارد أخرى ، واعتبروا روايتهم لهذه الأحاديث جرحا لهم لكونها منكرة وغريبه بنظرهم!! فمثلا لو لحظت الإسناد الأول من الطرق المسحيّة عن ابن عبّاس ، لرأيت رواته أئمّة حفاظا ، قد روى لهم أئمّة الصحاح والسنن ، والطريق هو «عبد الرزاق ، عن ابن جريح ، قال : أخبرني عمرو بن دينار أنّه سمع عكرمة يقول :قال ابن عباس ..»
فعبد الرزاق قد احتج به الجماعة (١) ـ على ما تقدّم ـ وهكذا ابن جريح (٢) ، ومثله عمرو بن دينار (٣) وعكرمة (٤).
وبما أنّ الجماعة قد رووا لهؤلاء وثبت لكلّ واحد منهم ملازمة طويلة لمن يروي عنه ـ مع أنّ بينهم من هو أعلم بعلم ابن عبّاس من غيره ـ فلما ذا لم ترو هذه الرواية وأمثالها في صحاح القوم؟!.
ألم يقع هؤلاء في أسانيد الصحاح والمسانيد في مواطن أخرى؟! فلم يخرّج البخاري عن سليمان بن بلال ـ الّذي تحتاج روايته إلى تابع ـ ولا يخرّج خبر ابن عبّاس (لا أجد في كتاب اللّٰه إلّا مسحتين وغسلتين) بالإسناد المتقدّم ، مع أن رواته أئمّة حفّاظ وقد أخرج لهم في مواطن أخرى؟!! واحتج بهم بشكل ليس معه ريب؟!!.
الرابعة : إنّ الباحث في النصوص المسحيّة عن ابن عبّاس يعرف أنّها نصوص
__________________
(١) انظر تهذيب الكمال ١٨ : ٥٧.
(٢) انظر تهذيب الكمال ١٨ : ٣٣٨.
(٣) انظر تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٦٤.
(٤) فقد روى له مسلم مقرونا بغيره ثمّ رجع ، واحتج ، به الباقون (انظر تهذيب الكمال ٢٠ : ٢٦٤)