رضي اللّٰه عنه من عمرو بن دينار ، سمع ابن عبّاس وسمع أصحابه.
فاستبان إذن أنّ خبر المسح هو الأرجح نسبة إلى ابن عبّاس بخلاف الغسل ، ويؤكّده جردنا لرواة أسانيد الغسل والمسح عنه ـ في نسبة الخبر إليه ـ إذ ترى غالب الّذين رووا عن ابن عبّاس المسح ـ وفي جميع الطبقات ـ كانوا من أصحاب المدونات ، بعكس رواة الغسل فلم يكن فيهم إلّا سعيد بن جبير ـ الّذي لم يثبت الطريق إليه ، لوجود عبّاد بن منصور المضعف عند الجميع في خبر ـ وسليمان بن بلال ومحمد بن عجلان وعبد اللّٰه بن إدريس ، وهؤلاء كانوا من المدونين إلّا أنّهم من المدونين في عصر التدوين ـ أي بعد عمر بن عبد العزيز ـ فلا أهميّة لمدوناتهم ، بعكس رواة المسح ، فإنّهم أئمّة متقدّمين ، كعلي بن الحسين (زين العابدين) ، وعكرمة ، وعمرو ابن دينار ، وعبد اللّٰه بن محمد بن عقيل ، وجابر بن زيد وغيرهم ، فهؤلاء قد دوّنوا الحديث قبل عصر التدوين الحكومي ، ولذلك تكون لمدوّناتهم قيمة أكثر ومنزلة أعظم.
وبهذا اتضح أنّ الطرق المسحيّة عن ابن عبّاس هي أقوى سندا ودلالة ، وقد رويت بطرق متعدّدة وفي جميع الطبقات عن المدوّنين ، وهذا يؤكّد أنّ استقرار الوضوء المسحي ثبت بجهود المدوّنين القدماء على مر الأجيال.