الذكر (لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ومن الإيمان إلّا رسمه) إشارة إلى عظم المصيبة على الدين ، وتردّي حال الأمّة خلال عقدين ونصف من الزمن بعد رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، بحيث طمست معالم الدين ومحقت أحكام الشريعة.
ولمخالفة عليّ لذلك النهج وجدنا الاتجاه الحاكم ينسب إلى عليّ وغيره من أعيان الصحابة ما أفتى به الخليفة عمر بن الخطّاب وغيره من أئمة النهج الحاكم وما ذهب إليه من رأي ، كي يعززوا موقعية الخليفة وغيره بنسبة هذه الأقوال إلى هؤلاء ، فلننظر مثلا (مشروعية الطلاق ثلاثا) و (صلاة التراويح) و (النهي عن المتعتين) و (جواز المسح على الخفين وأنه للمسافر ثلاثا وللمقيم يوم وليلة) و (النهي عن الصلاة بين طلوع الشمس وغروبها) ، وما أفتى به عمر في الجدة وغيرها فقد نسبت كل هذه الأقوال إلى الإمام عليّ بن أبي طالب ، مع علمنا ـ وعلم الجميع ـ بأنّ الخليفة عمر بن الخطّاب كان وراءها لا غير ، ويرشدك إلى ذلك أنّهم عللوا صحّة الطلاق ثلاثا بأنّ الناس في عهده استهانوا بأمر الطلاق ، وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة ، فرأى الخليفة من المصلحة عقوبتهم بإمضائه عليهم (١).
ومثله الحال بالنسبة إلى صلاة التراويح ، فقد شرعها عمر بن الخطّاب ودافع عنها بقوله : نعمت البدعة هذه.
ولا ينكر أحد نهي الخليفة عن المتعة وتهديده وتوعّده لمن فعلها؟ بعكس الإمام علي الذي أصرّ على كونها سنة رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ودافع عنها.
وهكذا الحال بالنسبة إلى الأمور الشرعية الأخرى ، فقد نسبت مسائل كثيرة قهرا إلى علي ، مع أنّ الثابت عنه عليهالسلام هو عكس ما قالوه ، وسيتحقق للباحث ذلك لو درسها دراسة علميّة متأنية ونحن قد تعرضنا ـ على عجل ـ في نسبة الخبر إلى ابن عباس لبعض نماذجه وها هنا نحن نؤكد تارة أخرى على لزوم الوقوف على جذور كل مسألة ، ومعرفة من هو وراء هذه الأحكام؟ ومن هو المستفيد منها؟
فلو عرفنا أنّ القائل الأوّل هو الخليفة أو من له شخصية اجتماعية عالية بحيث يجب تأييد رأيه ، فلا يستبعد أن تنسب هذه الأقوال إلى علي أو غيره من أعيان
__________________
(١) اجتهاد الرسول : ٢٤٠ ، اثر الدلالة المختلف فيها : ٢٧٧.