( ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي ) (١) فأجابه في ذلك بأن قال : ( إنه ليس من أهلك ) إنه يدخل في أهله من يوافقه على دينه وإن لم يكن من ذوي نسبه.
فمثل ذلك أيضا ما كان من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جوابا لأم سلمة : « أنت من أهلي » يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضا ، وأن يكون قوله ذلك كقوله مثله لواثلة.
وحديث سعد وما ذكرناه معه من الأحاديث في أول الباب معقول بها من أهل الآية المتلوة فيها ، لأنا قد أحطنا علما أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما دعا من أهله عند نزولها لم يبق من أهلها المرادين فيها أحد سواهم ، وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أريد به سواهم. وفيما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.
فإن قال قائل : فإن كتاب الله تعالى يدل على أن أزواج النبي هم المقصودون بتلك الآية ، لأنه قال قبلها في السورة التي هي فيها : ( يا أيها النبي قل لأزواجك ... ) (٣) فكان ذلك كلّه يؤذن به ، لأنّه على خطاب النساء لا على خطاب الرجال ، ثمّ قال : ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ) الآية.
فكان جوابنا له : إن الذي تلاه إلى آخر ما قبل قوله : ( إنما يريد الله ) الآية .. خطاب لأزواجه ، ثم أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالى : ( ليذهب يريد الله ) الآية ، فجاء به على خطاب الرجال ، لأنه قال فيه : ( ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم ) وهكذا خطاب الرجال ، وما قبله فجاء
__________________
(١) سورة هود ١١ : ٤٥.
(٢) سورة هود ١١ : ٤٦.
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢٨.