اعتبارا. ثم تعلم أن ناجم قريش ـ يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يكون رزؤه قللا ثم ينقطع ويخلو.
إن بعد ذلك قرنا يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان ، والسيف والسلطان ، ويملك ملكا مؤجلا تطبق فيه أمته المشارق والمغارب ، ونم ذريته الأمير الظاهر ، يظهر على جميع الملكات والأديان ، ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار ، وذلك ـ يا حار ـ أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل ، فتمسك من دينك بما تعلم وتمنع ـ لله أبوك ـ من أنس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان ، فإنما نحن ليومنا ولغد أهله.
فأجابه حارثة بن أثاك ، فقال : إيها عليك أبا قرة! فإنه لا حظ في يومه لمن لا درك له في غدوه ، اتق الله تجد الله جل وتعالى بحيث لا مفزع إلا إليه ، وعرضت مشيدا بذكر أبي واثلة ، فهو العزيز المطاع ، الرحب الباع وإليكما معا يلقىالرحل ، فلو أضربت التذكرة عن أحد لتبزيز فضل لكنتماه ، لكنها أبكار الكلام تهدى لأربابها ، ونصيحة كنتما أحق من أصغى لها ، إنكما مليكا ثمرات قلوبنا ، ووليا طاعتنا في ديننا فالكيّس الكيس ـ يا أيها المعظمان ـ عليكما به ، أرمقا ما يدهكما نواحيه وأهجرا التسويف في ما أنتما بعرضه ، آثرا الله في ما كان يؤثركما بالمزيد في فضله ، ولا تخلدا في ما أظلكما إلى الونية ، فإنه من أطال عنان الأمر أهلكته الغرة ، ومن اقتعد مطية الحذر كان بسبيل آمن من المتألف ، ومن استنصح عقله كانت العبرة له لا به ، ومن نصح لله عز وجل آنسه الله جل وتعالى بعز الحياة وسعادة المنقلب.
ثم أقبل على العاقب معاتبا فقال :
وزعمت ـ أبا واثلة ـ أن راد ما قلت أكثر من قائله ، وأنت لعمر الله