حري ألا يؤثر هذا عنك ، فقد علمت وعلمنا أمة الإنجيل معا بسيرة ما قام به المسيح عليهالسلام في حواريه ومن آمن له من قومه ، وهذه منك فهّة لا يرحضها إلا التوبة والإقرار بما سبق به الإنكار.
فلما أتى على هذا الكلام صرف إلى السيد وجهه ، فقال : لا سيف إلا ذو نبوة ولا عليم إلا ذو هفوة ، فمن نزع عن وهلة وأقلع فهو السعيد الرشيد ، وإنما الآفة في الإصرار ، وأعرضت بذكر نبيين يخلقان بعد ابن البتول ، فأين يذهب بك عما خلا في الصحف من ذكرى ذلك؟! ألم تعلم ما أنبأ به المسيح عليهالسلام في بني إسرائيل؟! وقوله لهم : كيف بكم إذا ذهب بي إلى ابي وأبيكم وخلف بعد أعصار يخلو من بعدي وبعدكم صادق وكاذب؟!
قالوا : ومن هما يا مسيح الله؟
قال : نبي من ذرية إسماعيل عليهماالسلام صادق ، ومتنبئ من بني إسرائيل كاذب ، فالصادق منبعث منهما برحمة وملحمة ، يكون له الملك والسلطان ما دامت الدنيا ، وأما الكاذب فله بند يذكر به المسيح الدجال يملك فواقا ثم يتله الله بيدي إذا رجع بي.
قال حارثة : وأحذركم يا قوم أن يكون من قبلكم من اليهود أسوة لكم ، إنهم أنذروا بمسيحين ، مسيح رحمة وهدى ، ومسيح ضلالة ، وجعل لهم على كل واحد منهما آية وأمارة ، فجحدوا مسيح الهدى وكذبوا به ، وآمنوا بمسيح الضلالة الدجال ، وأقبلوا على انتظاره وأضربوا في الفتنة وركبوا نصحها ، ومن قبل ما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، وقتلوا أنبياءه والقوامين بالقسط من عباده ، فحجب الله عز وجل عنهم البصيرة بعد التبصرة بما كسبت أيديهم ، ونزع ملكهم منهم ببغيهم وألزمهم الذلة