لأنهم يعلمون أن التطرق إلى هذه الأمور إنما يكون بعد الفراغ من البحث السندي.
٣ ـ وإن ما حواه كتاب « نهج البلاغة » قد ثبت وتحقق وجوده في كتب العلماء المتقدمين على مؤلفه ، من شيعة وسنة (١).
٤ ـ نعم ، يصعب عليهم قبول ( الخطبة الشقشقية ) .. والظن الغالب أنه لولا وجودها في « نهج البلاغة لما شكك المتشككون منهم في نسبة شيء من الخطب والكتب والكلمات المروية فيه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام.
قيل :
« ومن قرأ خطبته المعروفة بالشقشقية جزم أنه لا يمكن لمن هو في مثل مقام علي ـ رضياللهعنه ـ أن يقول ذلك ، فإن هذا مما يتعارض مع ما صح عنه من أكثر من طريق من تفضيل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ والثناء عليهما. وهذه الخطبة المنسوبة زورا وبهتانا إليه ـ رضياللهعنه ـ تنطوي على أسوأ الإزار بكبار الصحابة الكرام : أبي بكر وعمر وعثمان ، وباقي العشرة ، بل فيها سب صراح ، واتهام بخيانة الأمة ، وسخرية لا تصدر إلا عن أمثال الرافضة الذين يجل عليّ ويسمو عن مثل ما يقولون :
ففي الصحيحين : عن ابن عباس ، قال : وضع عمر على سريره ، فتكنّفه الناس يدعون ويثنون ، ويصلون عليه قبل أن يرفع ، وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي ، فالتفت فإذا هو علي ، وترحم على عمر ، وقال : ماخلقت أحداً أحب أن ألقى الله عز وجل بعمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وذلك أني كنت كثيرا ما أسمع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يقول : جئت أنا وأبو بكر وعمر .. ودخلت أنا
__________________
(١) يراجع بهذا الصدد كتاب : « مصادر نهج البلاغة ».