[إشارات إلى بعض قصص الأنبياء]
فمنها قصّة داود عليهالسلام مع زوج أوريا ، وقصّة سليمان عليهالسلام مع زوجه جرادة ، وما كان من قصّة الجسد والكرسيّ ، وقصّة يوسف عليهالسلام مع امرأة العزيز في الهمّ والمراودة ، وقصّة نبيّنا عليه الصلاة والسّلام مع زيد بن حارثة وزينب بنت جحش بن أميّة ، فيتأوّلونها تأويل من حلّ من عنقه ربقة (١) الشّريعة ويئس من رحمة الله ، ثم ينسبون بعض هذه الأقوال إلى كبار الصّحابة والتّابعين ليموّهوا بها على العوامّ لئلاّ يردوها عليهم ويقدحوا فيها ، ثم تراهم يتردّدون في نقل تلك الخرافات بالتّكرار على أوجه مختلفة ، تورّعا في نقل الرّواية ، تورّع الكلب الذي يرفع رجله عند البول ، وفمه في أعماق الجيفة! ثم قد قيّض الله لتلك الحكايات في هذا الوقت المنكوب (٢) شرذمة من المقلّدة المنتمين إلى الإرادة ، والقصّاص المدّعين في غرائب العلم وبواطن المعاني المنتمين إلى الوعظ والتّذكير ، فتراهم ينتقلون من المزابل إلى المنابر فيطرحون الكلام في وظائف التّوحيد ، ومزعجات الوعد والوعيد ، وأقسام أهل الدّارين في الدّرجات والدّركات (٣) ، ويخوضون في أحوال الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ
__________________
(١) الرّبقة : العروة في الحبل يشدّ بها رأس الشّاة ونحوها ، فاستعير اللّفظ للدّين ، فيقال : خلع ربقة الإسلام من عنقه ، إذا خرج عنه.
(٢) نكب الدّهر أهله نكبا ونكبا : بلغ منهم ، وأصابهم بنكسة.
ـ والمؤلف ، رحمهالله تعالى ، يشير إلى جماعة معروفين في زمانه ممّن يقعون في هذه الأخطاء والمفاسد والجهالات (ينظر مقدمة التحقيق).
(٣) الدّرجات : جمع الدّرجة ، وهي المرتبة من مراتب أهل الجنّة. والدّركات : جمع الدّركة ، وهي المنزلة السّفلى من منازل أهل النّار ، ضدّ الدّرجة.