شرح قصّة يوسف (١) عليهالسلام
في إضافة الله تعالى له الهمّ عند مراودة امرأة العزيز له عن نفسه. والذي ينبغي أن نقدّم أوّلا ، الإعلام بأنّ يوسف ـ عليهالسلام ـ كان نبيّا قبل المراودة والهمّ ، والدّليل على ذلك أنّه لو لم تثبت نبوّته قبل ذلك لم تهتمّ الأمّة بذكر همّه ، لأنّ العصمة المجمع عليها لا تشترط للنّبيّ إلا بعد ثبوت نبوّته لا قبلها. ومع ذلك فإنّ النبيّ لا تثبت له معصية مشروع تركها قبل النّبوة ولا بعدها. وسنشبع القول في ذلك في قصّة آدم ـ عليهالسلام ـ إن شاء الله تعالى.
وأمّا إثبات نبوّته قبل همّه من الكتاب فمن قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) [يوسف : ١٢ / ٢٢].
وأجمعوا على أنّ هذا الحكم والعلم في حقّ يوسف ـ عليهالسلام ـ أنهما النّبوة (٢) ، ثمّ
__________________
(١) قصة يوسف عليهالسلام في تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ٤٦ ، وعرائس المجالس ١١٨ ، وابن كثير ١ / ٣١٧ ، وتفسير الطبريّ ١٢ / ١٠٦ ، وتاريخ الطبريّ ١ / ٣٣٧ ، وتفسير القرطبي ٩ / ١٦٢.
(٢) ومن قال إنه أوتي النبوّة صغيرا قال : لمّا بلغ أشدّه زدناه فهما وعلما ، وقال ابن عطية الأندلسي صاحب المحرّر الوجيز : إن كون يوسف عليهالسلام نبيّا في وقت هذه النازلة لم يصحّ ، ولا تظاهرت به رواية ، وإذا كان كذلك فهو مؤمن قد أوتي حكما وعلما ، ويجوز عليه الهمّ الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته ، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ، وإن فرضناه نبيّا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلاّ الهمّ الذي هو الخاطر ، ولا يصحّ عليه شيء ممّا ذكر من حلّ تكّته ، ونحوه ، لأن العصمة مع النبوة. قال القرطبي : لكن قوله تعالى (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) يدلّ على أنّه كان نبيا ... وإذا كان نبيّا فلم يبق إلا أن يكون الهمّ الذي همّ به ما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر ، وهو الذي رفع فيه الله المؤاخذة عن الخلق (المحرر الوجيز ٧ / ٤٧٧ ـ ٤٧٨).