شرح قصة يونس (١)
عليهالسلام
في قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء : ٢١ / ٨٧].
فممّا اختلقوه عليه (٢) ـ عليهالسلام ـ في شرح هذه الآية أن قالوا : أنّه جاءه الملك بالوحي وهو يتعبّد في الجبل فقال له : إنّ الله تعالى أمرني أن أعلمك بأنّه أرسلك إلى أهل نينوى ، لتحذّرهم وتنذرهم. فقال له يونس عليهالسلام : الله أرفق بي ، وأعلم بضعفي ومسكنتي ، من أن يرسلني إلى قوم جبّارين متكبّرين ، يؤذونني ويقتلونني ، فراجع ربّك أيّها الملك في أمري ، فلعلّه يعفيني من ذلك ويلطف بي! فقال له الملك : الله تعالى أعظم من أن أراجعه فيما أمرني به ، وقد أمرتك ، فسل أنت ربك ذلك إن شئت ، فقد بلّغتك والسّلام. ثم صار الملك إلى مقامه ففرّ إذ ذاك يونس ـ عليهالسلام ـ على وجهه إلى جهة البحر مغاضبا لربه ، وركب السفينة فالتقمه الحوت.
ومنهم من قال : إنه بلّغ قومه الرّسالة ، فسبّوه وضربوه وأغلوا (٣) في أذيّته ، فدعا عليهم ، فأخبره ربّه أنه ينزل البلاء عليهم في يوم كذا ، فأخبرهم بذلك ، فلمّا كان في
__________________
(١) شرح قصة يونس عليهالسلام في تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ٩٩ ، وعرائس المجالس ٤٠٦ ، وابن كثير ٣٩٠ ، وتفسير الطبري ١٧ / ٤٨ ، وتاريخ الطبري ٢ / ١١ ، وتفسير القرطبي ١١ / ٣٢٩.
(٢) ذو النون لقب ليونس بن متّى لابتلاع النون (الحوت) إيّاه.
(٣) كذا قال المؤلف ، رحمهالله. والفعل الذي يريده المؤلّف لجريان كلامه ومقاصد فكرته هو :(غالى) ، والمراد : (سبّوه وضربوه وغالوا في أذيته ..) ومعنى غالى : جاوز الحدّ. أمّا أغلى فله معان متقاربة ، يقال : أغلاه أي عدّه غاليا ، أو اشتراه غاليا ، أو وجده غاليا ، قال أبو فراس :ومن طلب الحسناء لم يغله المهر!