ذكر ما اختلقوه في قصة داود (١) عليهالسلام
فمن شنيع تخرّصهم (٢) في قصّته ـ عليهالسلام ـ مع امرأة أوريا ، وقلّة مراعاتهم مع من جعله الله تعالى خليفة في الأرض وشدّ (٣) ملكه ، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، وسخّر له الجبال يسبّحن معه والطّير ، وألان له الحديد (٤) ، فممّا اختلقوه عليه أن قالوا :إنّه أشرف يوما من كوّة كانت في محرابه ، فرأى امرأة تغتسل في حجرتها ، فأعجبه حسنها ، ولين جانبها ، ورخامة دلّها (٥) ، فشغفه حبّها ، فالتفتت إليه فأسبلت شعرها على جسدها لتستتر منه ، فزاده ذلك شغفا بها ، ثم أرسل إليها يسألها : من
__________________
(١) قصة داود عليهالسلام في : تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ٨٧ ، وعرائس المجالس ٢٧٩ ، وابن كثير ٢ / ٢٥٥ ، وتفسير الطبري ٢٣ / ٨٨ ـ ٩٤ ، وتاريخ الطبري ١ / ٤٨ ، وتفسير القرطبي ١٥ / ١٦٥.
(٢) تخرّص (وخرص) : كذب.
(٣) في المخطوط : (شدّد) ، واخترت (شد) لملاءمته الاقتباس القرآني (انظر الحاشية ٣).
(٤) في سورة [ص : ٣٨ / ١٧ ـ ٢٠] (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ* وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ* وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ).
وقوله تعالى في سورة [ص : ٣٨ / ٢٦] : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ..).
وفي قوله تعالى من سورة [سبأ : ٣٤ / ١٠] : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ).
فهذه هي الآيات التي استفاد منها المؤلّف ، رحمهالله ، في مقدّمة كلامه على قصّة سيدنا داود عليهالسلام.
(٥) الرّخامة : لين المنطق ، حسن في النّساء.