شرح قصّة نبيّنا عليه الصلاة والسلام (١)
مع زيد وزينب
في قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ ، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ). إلى قوله : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) [الأحزاب : ٣٣ / ٣٧].
هذه من القصص التي امتحن بها عوامّ هذه الأمة ومقلّدوهم المجازفون المقتفون ما ليس لهم به علم!
والقصّة بحمد الله أشهر وأظهر من أن يتقوّل فيها بزور ، أو يدلّى بغرور (٢) ، والأولى أن نقدّم ما صحّ من القصّة ثم نرجع إلى شرح الآية.
والّذي صحّ منها أنّ المرأة هي زينب بنت جحش ابنة أميمة بنت عبد المطلب جد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأما بعلها فهو زيد بن حارثة مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعتقه. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ربّاه وتبنّاه ، وكان يسمّى ابن رسول الله حتّى أنزل الله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) [الأحزاب : ٣٣ / ٤]. فنفى البنوّة بالدّعوى وقال : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) [الأحزاب : ٣٣ / ٥]. فلما
__________________
(١) قصة نبينا صلىاللهعليهوسلم مع زيد ، وزينب في تنزيه الأنبياء ، للشريف المرتضى ١٠٩ ، وتفسير الطبري ١٢ / ١٠ ، وتاريخ الطبريّ ٢ / ٥٦٣ ، وتفسير القرطبيّ ١٤ / ١٨٨.
(٢) العبارة مقتبسة من الآية الكريمة من سورة الأعراف (فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ) [الأعراف : ٧ / ٢٢] ، أي أوقع إبليس آدم وحوّاء في الهلاك. قال ابن عباس غرّهما باليمين. قال في التفسير الجامع :(فَدَلاَّهُما) يقال : أدلى دلوه : أرسلها. ودلاّها : أخرجها ، وقيل : دلاّهما أي : دللهما من الدالة وهي الجرأة ، أي جرّأهما على المعصية فخرجا من الجنة.