شرح قصة آدم (١)
عليهالسلام
في أكله من الشّجرة بعد ما نهي عنها.
اختلف النّاس في هذه القصّة اختلافا لا يكاد ينضبط ، وذلك لأن الله تعالى ما نصّ على معصية لنبيّ إلا لآدم ـ عليهالسلام ـ خصوصا. فلمّا كان ذلك وجد أهل الدّعاوى وأهل الحيرة مع ما دهاهم من عدم التّحقيق وكيد الوسواس سبيلا إلى الإخلال بحقّه ـ عليهالسلام ـ حتى سطّروا في الضّبائر (٢) وأفصحوا على المنابر بأن قالوا : إذا كان رأس الدّنّ درديّا (٣) فما ظنّك بقعره!.
وهذه وصمة تجرّ إلى تنقيصه وتنقيص من بعده من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وهو مقصودهم في ذلك ، وشرحوا قوله تعالى : (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) [الأعراف : ٧ / ٢٢] أنهما لمّا عصيا سلب الله عنهما أنوار الرّبوبيّة الرّوحانيّة التي كانت فاضت عليهما منه ؛ تعالى عمّا يصفون. فظهر لهما الجسم التّرابيّ المجبول على المعصية ، فعلما إذ ذاك أنّه منه أتي عليهما ، فأوجبوا المعاصي للأجسام التّرابية ، وأنبياء الله تعالى كلّهم أجسام ترابيّة ، وهي ظاهرة لهم (٤).
وهذا أقلّ ما نسبوه لآدم ـ عليهالسلام ـ.
__________________
(١) شرح قصّة آدم عليهالسلام في : تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ٩ ، وعرائس المجالس ٣٠ ، وابن كثير ١ / ٥٠ ، وتفسير الطبريّ ١ / ١٨١ ، وتاريخ الطبري ١ / ١٦٠ ، وتفسير القرطبيّ ١ / ٢٩٨ ـ ٣٢٣.
(٢) الضّبائر جمع الضّبيرة ، على وزن فعيلة ، والمشهور في ذلك : الإضبارة ، وهي الحزمة من الصّحف ، وهي التي يقال لها في بعض البلدان : الملفّ.
(٣) الدّرديّ عكر الزّيت ، ويكون ـ لثقله ـ في قعر الدّنّ أو الظّرف ، وفي العبارة استغراب وتعجّب ، وفيها مبالغة أيضا.
(٤) روى ابن عباس رضياللهعنه في تفسير الآية الكريمة قال : تقلّص النور الذي كان لباسهما فصار أظفارا في الأيدي والأرجل ، نقله القرطبي ٧ / ١٨٠.