ذلك الكبش» (١). فقال له ابن الزبير : فأقم إن شئت وتولّيني أنا الأمر ؛ فتُطاع ولا تُعصى. فقال : «وما اُريد هذا أيضاً». قالا : ثمّ إنّهما أخفيا كلامهما دوننا ، فمازالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس متوجّهين إلى منى عند الظهر. قالا : فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة ، وقصّ شعره وحلّ من عمرته ، ثمّ توجه نحو العراق وتوجّهنا نحو منى (٢). قال الاُستاذ علي جلال الحسيني المصري (٣) : ولمّا رأى الحسين (عليه السّلام) أنّه وجب عليه المطالبة بحقّه في الخلافة ، والقيام بأمر الأمّة ، وأنّه قادر على ذلك ، وأنّه بصرف النظر عن طلب الولاية تعيّن عليه إنكار الفسق ، والنهي عن المنكر وجهاد الظلم أجاب دعوة أهل العراق. قال أرباب التأريخ : ولقي عبد الله بن عباس عبد الله بن الزبير بعد خروج الحسين من مكّة ، فقال متمثّلاً ومخاطباً له :
يا لكِ من قُبّرةٍ بمعمرِ |
|
خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفري |
ونقِّري ما شئتِ أن تنقّري |
|
هذا الحسينُ خارجٌ فاستبشري |
وقال له ابن عباس : قد خرج الحسين وخلت لك الحجاز. أقول : لقد اتّفق المؤرّخون على أنّ الحسين خرج من مكّة يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجّة سنة ستين من الهجرة. ذكر سبط ابن الجوزي (٤) قال : وقد ذكر جدّي في كتاب (التبصرة) قال : إنّما سار الحسين (عليه السّلام) إلى القوم ؛ لأنّه رأى الشريعة قد دُثرت ، فجدّ في رفع قواعد أصلها ، فلمّا حصروه قالوا له : انزل على حكم
__________________
(١) هذه من المغيّبات التي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأخبر عنها ؛ فإنّ ابن الزبير حوصر بمكّة خمسة أيّام ، حاصره الحجاج ، ثمّ قُتل في البيت ، فكان هو الكبش ، وبسببه هُتكت حرمة البيت. وبعد أن قُتل أُمر بصلبه فصُلب بمكّة ، وكان يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادي الأولى سنة ٧٣ هـ.
(٢) انظر الطبري ٦ / ٢١٧.
(٣) انظر الحسين ـ علي جلال الحسيني ٢ / ١٧٢.
(٤) انظر تذكرة الخواص ـ سبط ابن الجوزي / ١٥٤.