ابن زياد. فقال : «لا أفعل». واختار القتل على الذلّ ، وهكذا النفوس الأبيّة. ثمّ أنشد جدّي :
ولمّا رأوا بعضَ الحياةِ مذلةً |
|
عليهم وعزَّ الموتِ غيرَ مذمّمِ |
أبوا أن يذوقوا العيشَ والذلُّ واقعُ |
|
عليه وماتوا ميتةً لم تذمّمِ |
ولا عجبٌ للأسد إن ظفرت بها |
|
كلابُ الأعادي من فصيحٍ وأعجمِ |
فحربةُ وحشيٍّ سقت حمزةَ الردى |
|
وحتفُ عليٍّ في حسامِ ابن ملجمِ |
قال الاُستاذ محمد عبد الباقي (١) : فلو بايع الحسين يزيد الفاسق المستهتر ، والذي أباح الخمر والزنا ، وحطّ بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات ، وعقد حلقات الشراب في مجلس الحكم ، والذي ألبس الكلاب والقرود جلاجل من ذهب ومئات الألوف من المسلمين صرعى الجوع والحرمان. لو بايع الحسين يزيدَ أن يكون خليفة لرسول الله على هذا الوضع لكانت فتياً من الحسين بإباحة هذا للمسلمين ، وكان هذا سكوته أيضاً على هذا رضاً ، والرضا عن ارتكاب المنكرات ولو بالسكوت إثمٌ وجريمة في حكم الشريعة الإسلاميّة. والحسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية الأولى المسؤولة في جزيرة العرب ، بل في البلاد الإسلاميّة كافّة عن حماية التراث الإسلامي ؛ لمكانته في المسلمين ، ولقرابته من رسول الله ، ولكونه بعد موت كبار المسلمين أنّه كبير المسلمين في هذا الوقت ؛ علماً وزهداً ، وحسباً ومكانة. فعلى هذا الوضع أحسّ بالمسؤولية تناديه وتطلبه لإيقاف المنكرات عند حدّها ، ولا سيما إنّ الذي يرتكب هذه المنكرات ويشجّع عليها هو الجالس في مقعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، هذا أوّلاً. وثانياً : أنّه جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب ، وجاءه ثلاثون ألفاً من الخطابات من ثلاثين ألفاً من العراقيين من سكان البصرة والكوفة يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة العربيد يزيد بن معاوية ، وألحّوا في تكرار هذه الخطابات ، حتّى قال رئيسهم عبد الله بن أبي الحصين الأزدي :
__________________
(١) انظر الثائر الأوّل في الإسلام الحسين ـ محمد عبد الباقي سرور ، من علماء الأزهر / ٧٩. طبع مصر.