المستشرقون (باكيدر) ، وقد ألّفت (ألمس بل) كتاباً ضخماً أسمته (القصر والجامع في الأخيضر) (١) ، ذكرت فيه : (هنالك بناية أو قرية تُدعى المقاتل ، وقد أشار إليه ياقوت بكونها إمّا بين عين التمر ودمشق ، أو قرب القطقطانة وسلام) (٢). ثمّ ذكرت : (وحالة قصر المقاتل ، وقد عدّ خطأ بكونه الأخيضر) (٣) ، وأيضاً ذكرت : (وهذا يقضي بي مرّة أخرى إلى القول أنّ قصر المقاتل قد كان يقوم في ما قبل الإسلام ، وفي العصر الأموي ، ثمّ خرب واستعاد بناءه عيسى بن علي. إنّ قصر المقاتل أُعيد بناؤه في مطلع العصر العباسي) (٤) (٥). وربّما يبعد عن الأخيضر اثنى عشر كيلو متراً ، وقد اندثر القصر ولم يبقَ من أثره إلاّ شبه تل ، وبالقرب من هذا التل عين نابعة تميل إلى الملوحة تسمّيها العرب (الأخيضرة) ، وهذه الأرض كلّها تسمّى طفّ العراق ، وأهالي النجف يسمّون المرتفع عليها شرقاً والمشرف على الطفّ (الطارات). وقال عبيد الله بن الحرّ الجعفي يذكر قصر مقاتل :
وبالقصرِ ما جرّبتموني فلم أخم |
|
ولم أكُ وقّافاً ولا طائشاً فشلْ |
وبارزتُ أقواماً بقصرِ مقاتلٍ |
|
وضاربتُ أبطالاً ونازلتُ مَنْ نزلْ |
__________________
ذكر صاحب كتاب (البادية) أنّ الناظر لهذه القصور يخيّل إليه أنّها بُنيت لغاية واحدة قد تكون مسالح ، أو مراكز دفاعية ، فإذا حدث اعتداء على أحد هذه القصور يكفي أن يشعل ساكنوها النار على سطح أحد القصور إيذاناً بالخطر ، فيأخذ سكّان القصر الثاني ، أو القلعة الثانية الحذر فيشعلون النار أيضاً ؛ تنبيهاً للقصر الثاني ، وهي طريقة دفاعية في غاية الإحكام. انظر كتاب البادية / ١٤.
قلت : وكلّ هذه القصور موقعها في طفّ العراق المعروف اليوم عند أهالي النجف (بأرض البحر) ، وتوجد هناك آثار بعض الأديرة القديمة ، وسلسلة البنايات منها موجدة ، والعطشان في الجنوب ، وقلعة شمعون وبرداويل من جهة الشمال.
(١) ـ القصر والجامع في الأخيضر ـ باللغة الإنكليزية ـ ألمس بل ـ طبع انكلترا. أوكسفورد سنة ١٩١٤ م.
(٢) انظر ـ مس بل ـ القصر والجامع في الأخيضر ـ ص ١٦٢.
(٣) انظر ـ مس بل ـ القصر والجامع في الأخيضر ـ ص ١٦٤.
(٤) انظر ـ مس بل ـ القصر والجامع في الأخيضر ـ ص ١٦٨.
(٥) ترجم لي هذه الكلمات الاُستاذ الكبير (كوركيس عوّاد) مدير مكتبة المتحف العراقي ببغداد.