منك لي؟». قال : نعم ، فوالله الذي لا إله فوقه. فقال الحسين (عليه السّلام) : «إنّي سأنصحك كما نصحتني ؛ مهما استطعت أن لا تشهد وقعتنا ولا تسمع واعيتنا ؛ فوالله لا يسمع اليوم واعيتنا أحد ثمّ لا ينصرنا إلاّ أكبه الله على منخريه في النار». وفي الأمالي (١) : فقال له الحسين (عليه السّلام) : «لا حاجة لنا فيك ، ولا في فرسك». ثمّ تلا قوله تعالى : (وَمَا كُنتُ مُتّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً) (٢) ، ثمّ فارقه الحسين (عليه السّلام). قال أهل السير : ولمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) ندم عبيد الله على عدم نصرته للحسين ، وصار يتحسّر لذلك ويتأسف بقوله :
فيا لكِ حسرةً ما دمتُ حيّاً |
|
تَردّدُ بينَ حلقي والتراقِ |
حسينٌ حينَ يطلبُ بذلَ نصري |
|
على أهلِ الضلالةِ والنفاقِ |
غداةَ يقولُ لي بالقصرِ قولاً |
|
أتتركُنا وتزمعُ بالفراقِ |
ولو أنّي اُواسيهِ بنفسي |
|
لنلتُ كرامةً يومَ التلاقِ |
مع ابن المصطفى روحي فداهُ |
|
تولّى ثمّ ودّعَ بانطلاقِ |
فلو فلقَ التلهفُ قلبَ حيٍّ |
|
لهمَّ اليومَ قلبي بانفلاقِ |
لقد فازَ الاُلى نصرَوا حسيناً |
|
وخابَ الآخرونَ ذوو النفاقِ |
وقال أيضاً يصف حزنه على الحسين (عليه السّلام) :
يبيتُ النشاوي من اُميّةَ نوّماً |
|
وبالطفِّ قتلى لا ينامُ حميمُها |
وأضحت قناةُ الدينِ في كفِّ ظالمٍ |
|
إذا اعوجّ منها جانبٌ لا يقيمُها |
فأقسمتُ لا تنفكُّ نفسي حزينةً |
|
وعينيَّ تبكي لا يجفُّ سجومُها |
حياتيَ أو تلقى اُميّةُ خزيةً |
|
يذلُّ بها حتّى المماتِ قرومُها |
وذكر الطبري (٣) أنّ عبيد الله بن زياد تفقّد أشراف أهل الكوفة فلم يرَ عبيد الله بن الحرّ الجعفي ، ثمّ جاءه بعد أيام حتّى دخل عليه ، فقال له : أين
__________________
(١) انظر أمالي الصدوق (ره).
(٢) سورة الكهف.
(٣) انظر ابن جرير الطبري ج ٦ ص ٢٧٠.