وللأبيوردي (١) يذكر نعمان بنجدياته ، قوله :
نزلنا بنعمان الأراكِ وللندى |
|
سقيطٌ به ابتلّت علينا المطارفُ |
فبتّ أعاني الوجدَ والركبُ نوّمٌ |
|
وقد أخذت منّي السُّرى والتنائفُ |
وأذكر خوداً أن دعاني على النوى |
|
هواها أجابته الدموعُ الذوارفُ |
لها في مغاني ذلك الشعبِ منزلٌ |
|
لَئن أنكرته العينُ فالقلبُ عارفُ |
وقفتُ به والدمعُ أكثره دمٌ |
|
كأنّيَ من جفني بنعمانَ راعفُ |
وذكر البكري (٢) التنعيم على لفظ المصدر ؛ من نعمته تنعيماً ، وهو بين مرّ وسرف ، بينه وبين مكّة فرسخان ، ومن التنعيم يحرم مَنْ أراد العمرة. وهو الذي أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عبد الرحمن بن أبي بكر (رض) أن يعمر منه عائشة. وإنّما سمّي التنعيم ؛ لأنّ الجبل الذي عن يمينه يُقال له : ناعم ، والوادي نعمان. وروى يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، عن أبيها : أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال له : «يا عبد الرحمن ، أردف اُختك عائشة فاعمرها من التنعيم ، فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم ؛ فإنّها عمرة متقبّلة». وفي مراصد الاطّلاع (٣) ، قلت : لا خلاف بين الناس أنّه على ثلاثة أميال من مكّة. وفي التنعيم قُتل زيد بن الدثنة ، وصلب خبيب بعد واقعة يوم الرجيع في غزاة هذيل ، وكان قد بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سرية إلى غزو هذيل. قال ابن هشام (٤) : وأمّا زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن اُميّة ليقتله بأبيه اُميّة بن خلف ، وبعث به صفوان بن اُميّة مع مولى له (نسطاس) إلى التنعيم ، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه. واجتمع رهط من قريش منهم أبو سفيان بن حرب ، فقال له أبو سفيان حين قُدّم ليُقتل : أنشدك
__________________
(١) هو أبو المظفر محمد بن العباس ، ينتهي نسبه إلى معاوية الأصغر. توفّي في ٢٠ ع ٥٧١ هـ بأصفهان ـ ابن خلكان ـ.
(٢) انظر معجم ما استعجم ـ الوزير البكري / ٢٠٠. طبع أوربا.
(٣) انظر مراصد الاطّلاع ١ / ٢١٦. طبع أوربا.
(٤) انظر محمد بن عبد الملك بن هشام ٣ / ١٦٤.