الخطاب (رض) يقول حين بلغه أنّ الدبر منعته : يحفظ الله العبد المؤمن ، كان عاصم نذر أن لا يمسّه مشرك ولا يمسّ مشركاً أبداً في حياته ، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته (١). وفي كتاب مرآة الحرمين (٢) : التنعيم : حدّ الحرم من جهة المدينة ، وهو في شمال مكّة الغربي. والمسافة بينه وبين باب العمرة ٦١٤٨ متراً ، والطريق سهل رملي تحفّه الجبال من الجانبين ، وبه آبار كثيرة ، وفيه تباع المأكولات والقهوة والشاي. وقد أُقيم عند التنعيم علمان يفصلان الحلّ من الحرم ، ارتفاع كلّ منهما ستة أمتار ، وعرضه ثلاثة ، وهما مبنيّان بالحجر والملاط الجيد ، والذي بناهما محمد أو أحمد بن المقتدر الراضي بالله سنة ٣١٥ هـ. وبجوار هذين العلمين مسجد عائشة الذي أُقيم في مكان إحرامها بالعمرة بعد أن حجّت مع الرسول (صلّى الله عليه وآله) حجّة الوداع ، وطول هذا المسجد ١٦ متراً في عرض ١٥ ، وارتفاعه ٤ أمتار. وخلف مسجد عائشة حوض أُعدّ لخزن المياه ، طوله ٢٤ متراً ، وعرضه ١٩ متراً ، وعمقه ثلاثة ، وسطحه مواز لسطح الأرض بُني بالحجر والملاط الجيد ، وفي كلّ من جهتيه الشمالية والجنوبية سلّم يوصل إلى قاعة ، ويتكوّن من سبع درجات ، وبأعلى الجهة الشرقية من الخزان حجر سطّر به تاريخه ، غير أنّه مقلوب الوضع. وهناك صهريج كبير كان يمتلئ من السيول ، ويتوضأ منه المعتمرون ، وهذا الصهريج قديم. ولما حجّ سنان باشا الوزير المجاهد في سنة ٩٧٨ هـ اعتمر من التنعيم ، فرأى هذا الصهريج خاوياً ، ورأى ما يعانيه المعتمرون في حمل الماء من مسافات بعيدة ليشربوا منه ويتوضّؤوا ، فحرّكته الشفقة إلى بئر قديمة هنالك تبعد عن الخزان بنحو مئتي متر قد ملأها التراب ، فأمر بإصلاحها ، وأُقيمت هنالك ساقية ومجرى مرتفع مقدار قامة يجري الماء فيه من البئر إلى هذا الصهريج الذي عمّره الوزير المذكور ، وإلى الخزان السابق الذي أنشأه ، وجعل للقائم بنزح المياه أجراً من ريع أوقاف له بمصر ، وذلك في سنة ٩٨١ هـ. وفي غربي الخزان مصلّى صغير ارتفاع جدره ٨٠ سنتيماً ، وبه محراب وحجرات عن يمين المحراب ، وشماله مكتوب في أحدهما حفر بالخطّ
__________________
(١) ذكر ابن هشام أنّ واقعة يوم الرجيع كانت في سنة ثلاث للهجرة.
(٢) انظر مرآة الحرمين ـ إبراهيم رفعت باشا ١ / ٣٤١ ، مصر.