وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك. فإنّا نحمد الله الذي لا إله إلاّ هو. أمّا بعد ، فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبار العنيد الذي اعتدى على هذه الأمّة ، فابتزّها أمرها ، وانتزعها حقوقها ، وغصبها فيئها ، وتأمّر عليها بغير رضاً منها ، ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها ، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها ، فبُعداً له كما بعُدت ثمود. وإنّه ليس علينا إمام ، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحقّ. والنعمان بن بشير (١) في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا جماعة ولا عيد ، وقد حبسنا أنفسنا عليك ، ولو أقبلت إلينا أخرجناه حتّى نلحقه بالشام. ثمّ سرّحوا بالكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني ، وعبد الله بن وآل ، فخرجا مسرعين حتّى قدما على الحسين (عليه السّلام) بمكّة لعشر مضين من شهر رمضان ، ولبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب ، وأنفذوا قيس بن مسهر
__________________
كربلاء خرجا مختفيين ولحقا به ، وصارا من أصحابه وقُتلا بين يديه. ولمّا استأذن الحسين (عليه السّلام) لصلاة الظهر وطلب منهم المهلة لأداء الفرض ، قال له الحصين بن تميم : إنّها لا تُقبل منك. فقال له حبيب : زعمت أنّ الصلاة من آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا تُقبل وتُقبل منك يا حمار! فحمل الحصين وحمل عليه حبيب ؛ فضرب حبيب وجه فرس الحصين بالسيف ، فشبّ به الفرس ووقع عنه فحمله أصحابه واستنقذوه ، وجعل حبيب يحمل فيهم ليختطفه منهم ، وهو يقول :
ثمّ قاتل القوم ، وأخذ يحمل فيهم ويضربهم بسيفه ، وهو يقول :
أُقسمُ لو كنّا لكم أعدادا |
|
أو شطركم ولّيتمُ أكتادا |
يا شرَّ قومٍ حسباً وآدا
ثم قاتل القوم وأخذ يحمل فيهم ويضربهم بسيفه وهو يقول :
أنّا حبيبٌ وأبي مظهّرُ |
|
فارسُ هيجاءٍ وحربٍ تسعرُ |
أنتم أعدُّ عدّةً وأكثرُ |
|
ونحنُ أوفى منكمُ وأصبرُ |
ونحنُ أعلى حجّةً وأظهرُ |
|
حقّاً وأبقى منكمُ وأعذرُ |
فجالد القوم سويعة حتّى قتل منهم جماعة ، فحمل عليه بُديل بن صريم العقفاني فضربه بسيفه ، وطعنه آخر برمحه فوقع ، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فسقط ، فنزل إليه التميمي فاحتز رأسه.
(١) النعمان بن بشير ، كان والياً على الكوفة من قبل معاوية فأقرّه يزيد عليها. واُمّه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : كان النعمان بن بشير منحرفاً عنه ـ يعني علياً (عليه السّلام) ـ وعدوّاً لله ، خاض الدماء مع معاوية خوضاً. قتله أهل حمص في فتنة ابن الزبير إذ كان والياً عليها.