لتقتلني الفئة الباغية ، وليلبسهم الله ذلاً شاملاً ، ويسلّ عليهم سيفاً قاطعاً ، وليسلّطنَّ عليهم مَنْ يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم ، فحكمت في أموالهم ودمائهم». وذكر الشيخ الصدوق قال : لمّا نزل الحسين الثعلبية أتاه رجل وسأله عن قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) (١) ، فقال (عليه السّلام) : «إمام دعا إلى هدى فأجابوا إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوا إليه ؛ هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النار ، وهو قوله تعالى : (فَرِيقٌ فِي الْجَنّةِ وَفَرِيقٌ فِي السّعِيرِ) (٢)». ويروى عن الطرماح بن حكيم قال : لقيت حسيناً وقد امترت لأهلي ، فقلت : أذكّرك الله في نفسك ، فلا يغرّنك أهل الكوفة ، والله إن دخلتها لتقتلن ، وإنّي أخاف أن لا تصل إليها ؛ فإن كنت مجمعاً على الحرب فانزل (أجا) (٣) ؛ فإنّه جبل منيع. والله ما لنا فيه ذلّ قط ، وعشيرتي جميعاً يرون نصرتك ما أقمت فيهم ، فإن هاجك هايج فأنا زعيم لك بعشرين ألف فارس يضربون بين يديك بأسيافهم ، فوالله لا يصل إليك أحد أبداً وفيهم عين تطرف. فقال له : «جزاك الله خيراً ، إنّ بيني وبين القوم مواعيد أكره أن أخلفها ، وقولاً لسنا نقدر معه إلاّ على الانصراف ، ولا ندري على مَ تتصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة ؛ فإن يدفع الله فقديماً ما أنعم الله علينا وكفى ، وإن يكن ما لا بدّ منه ففوز وشهادة إن شاء الله». قال : فودّعته ، وقلت له : دفع الله عنّك شرّ الإنس والجن. إنّي قد امترت لأهلي ميرة من الكوفة ، ومعي نفقة لهم فآتيهم فأضع ذلك فيهم ، ثم آتيك إن شاء الله ، فإن لحقتك لأكوننَّ من أنصارك. فقال (عليه السّلام) : «إن كنت فاعلاً فعجّل رحمك الله». قال : فعلمت أنّه مستوحش إلى الرجال حتّى إنّه يسألني التعجيل. قال : ولمّا بلغت أهلي وضعت عندهم ما يصلحهم وأوصيت ، فأخذ أهلي يقولون ما بك؟
__________________
(١) سورة الإسراء ص ٧١.
(٢) سورة الشورى ص ٧.
(٣) أجا وسلمى : يسمّيان في الوقت الحاضر مع المنطقة المجاورة لهما بجبل شمر. انظر قلب جزيرة العرب ـ فؤاد حمزة / ١٢.