إنّك تصنع أشياءً ما كنت تصنعها قبل اليوم ، فأخبرتهم بما أُريد ، ثمّ فارقتهم ، وأقبلت حتّى إذا دنوت من عذيب الهاجانات استقبلني سماعة بن بدر فنعاه إليّ ، وأخبرني بقتله فرجعت مغموماً. قال المؤرّخون : ورحل الحسين من الثعلبية ، وواصل سيره إلى بطان.
(بطان) : قال ياقوت الحموي : بكسر أوّله ، منزل بطريق الكوفة بعد الشقوق من جهة مكّة دون الثعلبية (١) ، وهي لبني ناشرة من بني أسد.
أقولُ لصاحبيَّ من التأسي |
|
وقد بلغت نفوسُهُما الحلوقا |
إذا بلغَ المطيُّ بنا بطانا |
|
وجزنا الثعلبيةَ والشقوقا |
وخلّفنا زُبالة ثمّ رحنا |
|
فقد وأبيكَ خلّفنا الطريقا |
وذكر المقدسي أنّ من الثٹلبية إلى بطان تسعة وعشرون ميلاً. والبطان ، على مثال فعال بكسر أوّله : موضع قد حدّدته في رسم ضرية. ورحا بطان هذا تزعم العرب أنّه معمور لا يخلو من السعالى والغول ، ورحاه وسطه. ويزعمون أنّ الغول تعرّضت فيه لتأبّط شراً فقتلها ، وأتى قومه يحمل رأسها متأبطاً له حتّى أرسله بين أيديهم ، فبذلك سمّي تأبّط شراً ، وفي ذلك يقول :
أَلا مَن مُبلِغٌ فِتيانَ فَهمٍ |
|
بِما لاقَيتُ عِندَ رَحا بِطانِ |
بِأَنّي قَد لَقيتُ الغولَ تَهوي |
|
بِسَهبٍ كَالصَحيفَةِ صَحصَحانِ (٢) |
وقال القزويني (٣) : رحا بطان موضع بالحجاز ، زعم تأبّط شراً أنّه لقى الغول هناك ليلاً ، وجرى بينه وبينها محاربة ، وفي الأخير قتلها ، وحمل رأسها إلى الحي وعرضها عليهم حتّى عرفوا شدّة جأشه وقوّة جنانه ، وهو يقول :
أَلا مَن مُبلِغٌ فِتيانَ فَهمٍ |
|
بِما لاقَيتُ يومَ رَحا بِطانِ |
بِأَنّي قَد لَقيتُ الغولَ تَهوي |
|
بِسَهبٍ كَالصَحيفَةِ صَحصَحانِ |
__________________
(١) انظر شهاب الدين ياقوت الحموي ـ المشترك ـ ص ٥٨ ، طبع أوربا.
(٢) انظر أبو عبد الله البكري ـ معجم ما استعجم ـ ص ١٥٢ ، طبع أوربا.
(٣) انظر زكريا القزويني ـ آثار البلاد وأخبار العباد ـ ص ٦١ ، طبع أوربا.