بصعاليك المُهَاجِرِين أي يَسْتَنْصِرُ بهِمْ.
وقال الفَرَّاء : قال أبو جهل يوم بدر : اللهم انصر أَفْضَلَ الدِّينَيْن وأحَقَّه بالنَّصْر ، فقال الله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفَال : ١٩] يعني النَّصْر.
وقال أبو إسحاق : معناه إن تستنصروا فقد جاءكم النَّصْرُ.
قال : ويجوز أن يكون معناه : إن تَسْتَقْضُوا فَقدْ جاءكم القَضَاء ، وقد جاء في التفسير المعنيان جميعاً.
ورُوِي أن أبا جهل قال يومئذٍ : اللهم أقْطَعَنَا للرَّحِم وأفسدَنا للجماعة فأَحِنْه اليوم ، فسأل الله أن يَحكمُ بحَيْن من كان كذلك فَنُصِرَ النبي صلىاللهعليهوسلم ونَالَه هو الحَيْنُ وأَصْحَابَه فقال الله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) [الأنفَال : ١٩] أي إن تَسْتَقضُوا فَقَدْ جَاءكُم القَضَاء.
وقيل إنه قال : «اللهم انْصُر أحَبَّ الفِئَتَيْنِ إليك» فهذا يدل أَنَّ مَعْنَاه إن تَسْتَنْصِروا ، وكِلا القَوْلَيْن جَيِّد.
وقال الله جلّ وعزّ : (ما إِنَ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القَصَص : ٧٦].
قال الفرّاء : مَفَاتحه هاهنا كنوزه وخزائنه ، والمعنى : ما إنَ مَفَاتِحَه لتُنِيء العُصْبَة تُمِيلُهم من ثِقَلِها.
وروى أبو عَوانة عن حُصَيْن عن أبي رَزِين قال : مفاتِحهُ : خزَائنه أنْ كان كَافِياً مفتاحٌ واحدٌ خَزَائنَ الكوفة ، إنما مَفاتِحُه المالُ.
وروى أبو عَوانة أيضاً عن إسماعيل بن سالم عن أبي صالح (ما إِنَ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) [القَصَص : ٧٦].
قال : ما في الخَزائن من مَالٍ تنوء به العُصْبَة.
وقال الزَّجاج في قوله : (ما إِنَ مَفاتِحَهُ) [القَصَص : ٧٦] جاء في التفسير أنَ مَفاتحه كانت من جلود وكانت تُحْمَلُ على سِتَّين بَغْلاً.
قال : وقيل : مَفَاتحه : خَزَائنه.
قال : والأشبه في التفسير أن مَفَاتحه خَزائنُ مَالِه والله اعْلَمُ بما أراد.
وقال الليث : جمعُ المِفْتاح الذي يُفتح به المِغْلَاق مفاتيح ، وجَمْعُ المَفْتَح الخِزانة المفاتح.
قلت : ويقال للذي يُفْتَح به المِغْلَاق مفتح بكسر الميم ومِفتاح وجمْعُهما مَفَاتح ومفَاتيح ، وهذا قول النحويين.
وقول الله جلّ وعزّ : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [السجدة : ٢٨ ، ٢٩] الآية.
وقال مجاهد : يومُ الفَتْحِ هاهنا يوم القيامة ، وكذلك قال قَتَادة والكَلْبِيّ.
وقال قتادة : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقولون : إنْ لنَا يَوماً أوشكَ أَن نَسْتريح فيه وننعَم فقال الكفارُ : (مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [السَّجدَة : ٢٨].
وقال الفَرَّاء : يوم الفتح يعني يوم فتح مكة.
قلتُ : والتفسير جاء بخلاف ما قال وقد نفع الكفارَ من أهل مكة إيمانُهُم يوم فتح مكة.