ويقالُ : طيبٌ. وقال النابغة :
«يبَيسُ القُمَّحَان مِنَ المَدَام»
وقال الليث : المُقامِحُ والقامِح من الإبل الذي قد اشتد عطَشُه حتى فَتَر لذلك فُتوراً شديداً ، وبعير مُقْمَح ، وقد قَمَحَ يَقْمَح من شِدَّةِ العطش قُموحاً ، وأقمحَه العطشُ فهو مُقْمَح.
وقال الله جلّ وعزّ : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) [يس : ٨] : خاشعون لا يرفعون أبصارَهم ، قلت : كلُّ ما قاله الليث في تفسير القامِح والمُقامِح وفي تفسير قوْله : (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) فخطأٌ ، وأهل العربية والتفسير على غيرِه ، فأما المُقامِح فإنّ الإيَادِيّ أقرأني لشَمِر عن أبي عُبَيد عن الأصمعي أنه قال : بَعِيرٌ مُقامحٌ وكذلك الناقةُ بغير هاء إذا رَفَع رأسَه عن الحوضِ ولم يشرَب. قال وجمعه قِمَاحٌ.
وقال بِشْر بن أبي خازم يَذْكر سفينةً ورُكبانَها :
ونحنُ عَلَى جَوانِبها قُعُودٌ |
نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإبلِ القِماح |
قال أبو عُبيد : قَمَحَ البعيرُ يَقْمَحُ قُموحاً وقَمَه يَقْمَه قُموها : إذا رفع رأسَه ولم يشرَب الماء.
ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابيِّ أنه قال : التقَمُّحُ : كراهةُ الشُّرْبِ.
وقال الهُذَليّ :
فتًى ما ابنُ الأغَرِّ إذا شَتَوْنا |
وحُبّ الزاد في شَهْرَيْ قُماح |
رواه بضمِّ القافِ قُماح ورواه ابنُ السِّكِّيت في شهري قِماح بالكسر وهما لغتان.
وشَهْرا قُماح هما الكانونانِ أشدُّ الشتاءِ برداً : سُمِّيا شهرَي قِماح لكَراهةِ كلِّ ذِي كَبِدٍ شُرْبَ الماء فيهما : ولأن الإبِلَ لا تشربُ الماءَ فيهما إلا تَعْذيراً.
وقال أبو زَيد : تَقَمَّحَ فلان من الماء : إذا شرِبَ الماء وهو متكاره.
وقال شمر : يقال لشَهْرَي قِماح : شَيْبَانُ ومَلْحانُ.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) [يس : ٨] فإن سَلَمة روى عن الفراء أنه قال : المُقْمَحُ : الغاضُّ بصرَه بعد رفعِ رأسِه.
وقال الزَّجَّاج : المُقْمَحُ : الرافع رأسَه الغاضُّ بصرَه.
قال : وقيلَ للكانونَيْنِ شَهْرا قُمَاح : لأن الإبلَ إذا وَرَدَت الماءَ فيهما ترفعُ رؤوسها لشِدَّة بَرْده.
قال : وقولُه : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ) هي كناية عن الأيدي لا عن الأعناقِ لأنَّ الغُلَّ يجعَلُ اليدَ تَلِي الذَّقَنَ والعُنُقَ وهو مقاربٌ للذَّقن. قلتُ : وأراد جلّ وعزّ أنَّ أيديَهم لمّا غُلَّت عند أعناقِهم رَفَعَتِ الأغلالُ أذقانَهم ورؤوسهم صُعُداً كالإبل الرافعةِ رؤوسها.
وقال اللّيثُ : يقال في مَثَل : «الظَّمَأُ القامحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح». قلتُ : وهذا خلاف ما سمِعناه من العربِ ، والمسموع منهم : «الظمأ الفادحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح» ومعناه العطشُ الشاقُّ خيرٌ من