رِيٍّ يَفضحُ صاحبَه.
وقال أبو عُبيد في قَوْل أُمِّ زَرْع : «وعِنده أقولُ فلا أُقَبَّحُ وأشربُ فأَتَقَمَّح» أي أرْوَى حتى أَدَعَ الشربَ من شِدة الرِّي : قلتُ : وأصْلُ التقَمُّح في الماء فاستعارتْه في اللَّبن ، أرادت أنها تَرْوى من اللَّبن حتى ترفع رأسها عن شُرْبه كما يفعل البعيرُ إذا كَرِه شُرْبَ الماء.
قال ابن شُمَيل : إنَّ فلاناً لَقَموح للنَّبِيذ أي شَرُوبٌ له وإنه لَقَحوف للنبيذ. وقد قَمَحَ الشرابَ والنبيذَ والماء واللَّبَن واقْتَمَحَه وهو شُرْبه إيّاه. وقَمِح السَّوِيقَ قَمْحاً ، وأما الخبزُ والتّمرُ فلا يقال فيهما : قمِحَ ، إنما يقال القمح فيما يُسَفّ.
محق : قال الليث : المَحْقُ : النُّقصانُ وذَهابُ البركة. قال : والمَحاقُ : آخر الشهر إذا امَّحَق الهلال. وأنشد :
يزدادُ حتى إذا ما تَمَّ أَعْقَبَهُ |
كَرُّ الْجَدِيدَيْنِ منه ثم يَمَّحِق |
قال : وتقول : مَحَقَه الله فامَّحق وامْتَحَق أي ذهبَ خيرُه وبركتُه.
وأَنشد لِرُؤبةَ :
بِلالُ يا ابنَ الأنجُم الأطْلاقِ |
لَسْنَ بنَحْسَاتٍ ولا أَمْحَاقِ |
قلت : واختلفَ أهل العربية في اللَّيالِي المحاقِ ، فمنهم من جَعَلها الثلاثَ التي هي آخرُ الشهرِ وفيها السِّرارُ وإلى هذا ذهب أبو عُبيد وابن الأعرابي ، ومنهم من جَعَلها ليْلةَ خمسٍ وستٍّ وسبعٍ وعشرين لأن القمرَ يطلُع في أخيرِها ثم يأتي الصّبحُ فيَمْحَقُ ضوءَ القمر ، والثلاثُ التي بعدها هي الدَّآدِىء وهذا قول الأصمعيّ وابن شُمَيل وإليه ذهب أبو الهيْثَم والمبرِّد والرِّياشي ، وهو أصحُّ القولَيْن عِندي.
ابن السكيت عن أبي عمرو : الإمْحَاقُ : أن يَهِلك المال كمَحاقِ الهلالِ وأنشد :
أَبوك الذي يَكْوِى أُنوفَ عُنُوقِه |
بأظفارِه حتى أنَسَّ وأَمْحَقَا |
قال : وقال الأصمعي : جاء في ماحقِ الصَّيف أي في شدَّةِ حَرِّه. وقال ساعِدةُ الهُذَليُّ :
ظلَّتْ صَوَافِنَ بالأرْزَانِ صادِيَةً |
في ماحِقٍ من نهار الصَّيْف مُحْتَدِم |
ويقال : يوم ماحِقٌ : إذا كان شديدَ الحَرِّ أي أنه يَمْحَقُ كلّ شيء ويَحْرِقُه وقد مَحقْتُ الشيءَ أَمْحَقُه.
وقَرْنٌ مَحِيقٌ : إذا دُلِك فذهب حَدّه ومَلُسَ. ومن المَحْقِ الخَفي عند العرب أن تَلِدَ الإبلُ الذّكورَ ولا تِلدَ الإناثَ : لأن فيه انقطاعَ النَّسِل وذِهابَ اللَّبَن.
ومن المَحْقِ الخَفِي النَّخْل المُقارَب بينَه في الغَرْسِ. وكلُّ شيء أبطَلْتَه حتى لا يبقَى منه شيءٌ فقد مَحَقْتَه وقد أمْحَقَ أي بَطَلَ.
قال الله : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البَقَرَة : ٢٧٦] أي يَستأْصِل الله الرِّبا فيُذْهِب رَيْعَه وبَركتَهُ.
وقال أبو زيد : مَحَقَه الله وأَمْحَقَه وأبَى الأصمعيّ إلّا مَحَقَه.
ويقال : مُحَاقُ القمر وَمِحاقُه.
ومَحَّق فلانٌ بفلان تَمْحِيقاً : وذلك أنَ